ومن هنا يظهر فساد ما أفاده ( قدس سره ) : من أن المعنى : إما إخطاري مستقل ، وإما إيجادي غير مستقل ، ولا ثالث لهما ، فالأول معنى اسمي ، والثاني معنى حرفي . وتوضيح الفساد : هو أن المعنى الحرفي وإن لم يكن إخطاريا في نفسه لعدم استقلاله في نفسه إلا أنه ليس بإيجادي أيضا ، لما قدمناه : من أن له نحو ثبوت في وعاء المفاهيم كالمعنى الاسمي . وقد ظهر مما ذكرناه أمران : الأول : بطلان القول بأن المعاني الحرفية والمفاهيم الأدوية إيجادية محضة ، وليس لها ثبوت في أي وعاء إلا الثبوت في ظرف الاستعمال ، وأن المعاني الحرفية تساوي المعاني الاسمية في أنها متقررة في عالم المفهومية والتعقل . الثاني : أن عدم استقلالية المعاني الحرفية في حد أنفسها وتقومها بالمفاهيم الاسمية المستقلة لا يستلزم كونها إيجادية ، لإمكان أن يكون المعنى غير مستقل في نفسه ، ومع ذلك لا يكون إيجاديا . وأما ما ذكره ( قدس سره ) رابعا : من أن المعاني الحرفية مغفول عنها في حال الاستعمال - دون المعاني الاسمية - فلا أصل له أيضا ، وذلك لأنهما من واد واحد من تلك الجهة ، فكما أن اللحاظ الاستقلالي يتعلق بإفادة المعاني الاسمية عند الحاجة إلى إبرازها والتعبير عنها فكذلك يتعلق بالمفاهيم الحرفية من دون فرق بينهما في ذلك ، بل كثيرا ما يتعلق اللحاظ الاستقلالي بالمعاني الحرفية ، وإنما يؤتى بغيرها في الكلام مقدمة لإفادة تلك الخصوصية والتضييق ، فيقال في جواب السائل عن كيفية مجئ زيد مع العلم بأصله : إنه جاء في يوم كذا ، ومعه كيف يمكن القول بأن المعاني الحرفية ملحوظة آلة في حال الاستعمال ، ومغفول عنها في تلك الحال ؟ فقد تحصل مما بيناه : أن الفرق بين المعنى الحرفي والاسمي في نقطة واحدة ، هي : استقلال المعنى بالذات في الاسم وعدم استقلاله في الحرف ، وأما من بقية