وأما الدعوى الثانية : فيردها الوجوه المتقدمة [1] جميعا ، واليك ملخصها : 1 - إن هذا الفرق ليس فارقا بين المشتق ومبدئه ، بل هو بين المصدر واسمه . 2 - إن وجود العرض مباين لوجود الجوهر ذاتا ، فلا يمكن الاتحاد بينهما باعتبار اللابشرط . 3 - إن هذا لو تم فإنما يتم فيما إذا كان المبدأ من الأعراض المقولية دون غيرها . 4 - إنا لو سلمنا أنه تم حتى فيما إذا كان المبدأ أمرا اعتباريا أو انتزاعيا ، إلا أنه لا يتم في مثل : اسم الآلة والزمان والمكان وما شاكل ذلك . ما هي النسبة بين المبدأ والذات ؟ المبدأ قد يكون مغايرا للذات كما في قولنا : " زيد ضارب " مثلا ، واخرى يكون عين الذات كما في الصفات العليا له تعالى فيقال : " الله قادر وعالم " . لا إشكال في صحة إطلاق المشتق وجريه على الذات على الأول ، وإنما الكلام في الثاني ، وأنه يصح إطلاقه على الذات أم لا ؟ فيقع الإشكال فيه من جهتين : الأولى : اعتبار التغاير بين المبدأ والذات ، ولا يتم هذا في صفاته تعالى الجارية عليه ، لأن المبدأ فيها متحد مع الذات ، بل هو عينها خارجا ، ومن هنا التزم صاحب الفصول [2] ( قدس سره ) بالنقل في صفاته تعالى عن معانيها اللغوية . الثانية : اعتبار تلبس الذات بالمبدأ وقيامه بها بنحو من أنحاء القيام ، وهذا بنفسه يقتضي التعدد والاثنينية ، ولا اثنينية بين صفاته تعالى وذاته ، بل فرض العينية بينهما يستلزم قيام الشئ بنفسه ، وهو محال .
[1] تقدم في ص 309 - 312 . [2] الفصول الغروية : ص 62 .