أما في موارد الشك في حدوث التكليف فالأمر واضح . وأما في موارد الشك في البقاء فبناء على ما سلكناه في باب الاستصحاب [1] : من عدم جريانه في الشبهات الحكمية خلافا للمشهور فالأمر أيضا واضح ، فإن الاستصحاب فيها دائما معارض باستصحاب عدم سعة المجعول ، وبالتعارض يتساقط الاستصحابان لا محالة . وأما على المسلك المشهور من جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية فالاستصحاب لا يجري في المقام أيضا ، وذلك لاختصاص جريانه بما إذا كان المفهوم فيه متعينا ومعلوما من حيث السعة والضيق ، وكان الشك متمحضا في سعة الحكم المجعول وضيقه ، كما لو شككنا في بقاء حرمة وطئ الحائض بعد انقطاع الدم وقبل الاغتسال فالمرجع فيه هو استصحاب بقاء الحرمة إلى أن تغتسل ، أو لو شككنا في بقاء نجاسة الماء المتغير بعد زوال تغيره ، أو في بقاء نجاسة الماء المتمم كرا بناء على نجاسة الماء القليل بالملاقاة ، فالمرجع في جميع ذلك هو استصحاب بقاء الحكم ، وبه يثبت سعته . وأما فيما لا يتعين مفهوم اللفظ ومعناه ، وهو المعبر عنه بالشبهة المفهومية فلا يجري الاستصحاب فيه ، لا حكما ولا موضوعا . أما الأول : فلما ذكرناه [2] في بحث الاستصحاب : من اعتبار وحدة القضية المتيقنة مع المشكوك فيها موضوعا ومحمولا في جريان الاستصحاب ، ضرورة أنه لا يصدق نقض اليقين بالشك مع اختلاف القضيتين موضوعا أو محمولا ، وحيث إن في موارد الشبهات المفهومية لم يحرز الاتحاد بين القضيتين لا يمكن التمسك بالاستصحاب الحكمي ، فإذا شك في بقاء وجوب صلاة العصر ، أو الصوم بعد استتار القرص وقبل ذهاب الحمرة المشرقية عن قمة الرأس من جهة الشك
[1] راجع مصباح الأصول : ج 3 ص 36 . [2] المصدر السابق : ص 234 .