فالأمر أيضا كذلك . وإن أراد أن لتلك المقولات وحدها مرتبة خاصة من الوجود ففيه : أنه غير معقول كما عرفت ، وقد برهن في محله : أن الاتحاد الحقيقي في الوجود بين أمرين أو أمور متحصلة مستحيل ولو اعتبر الوحدة بينهما أو بينها ألف مرة ، وكيف ما كان فلا نعقل لذلك معنى متحصلا أصلا . وثانيا : أنه لو سلم ذلك فإن الصلاة ليست عبارة عن تلك المرتبة الخاصة الوجودية ، ضرورة أن المتفاهم منها عند المتشرعة ليس هذه ، بل نفس المقولات والأجزاء والشرائط ، وهذا واضح . وثالثا : أنا قد ذكرنا سابقا [1] : أن الألفاظ لم توضع للموجودات الخارجية ، بل وضعت للماهيات القابلة لأن تحضر في الأذهان ، وعليه فلا يعقل أن يوضع لفظ " الصلاة " لتلك المرتبة الخاصة من الوجود ، فإنها غير قابلة لأن تحضر في الذهن . ولشيخنا المحقق ( قدس سره ) بيان ثالث في تصوير الجامع بين الأفراد الصحيحة ، واليك نصه : والتحقيق : أن سنخ المعاني والماهيات وسنخ الوجود العيني الذي حيثية ذاته حيثية طرد العدم في مسألة السعة والإطلاق متعاكسان ، فإن سعة سنخ الماهيات من جهة الضعف والإبهام ، وسعة سنخ الوجود الحقيقي من فرط الفعلية . فلذا كلما كان الضعف والإبهام في المعنى أكثر كان الإطلاق والشمول أوفر ، وكلما كان الوجود أشد وأقوى كان الإطلاق والسعة أعظم وأتم . فإن كانت الماهية من الماهيات الحقيقية كان ضعفها وإبهامها بلحاظ الطوارئ وعوارض ذاتها مع حفظ نفسها : كالإنسان - مثلا - فإنه لا إبهام فيه من حيث الجنس والفصل المقومين لحقيقته ، وإنما الإبهام فيه من حيث الشكل ، وشدة