المراجعة إلى مقلده ، بل الحال في كثير من فروع العلم الإجمالي كذلك . شبهة ودفع : أما الشبهة : فهي توهم أن مسألتي البراءة والاحتياط الشرعيين خارجتان عن تعريف علم الأصول ، لعدم توفر الشرط المتقدم فيهما ، إذ الحكم المستفاد منهما في مواردهما إنما هو من باب التطبيق ، لا من باب الاستنباط ، وقد سبق أن المعتبر في كون المسألة أصولية : هو أن يكون وقوعها في طريق الحكم من باب الاستنباط دون الانطباق . وأما الدفع : فلأن المراد بالاستنباط ليس خصوص الإثبات الحقيقي ، بل الأعم منه ومن الإثبات التنجيزي والتعذيري ، وقد سبق أنهما يثبتان التنجيز والتعذير بالقياس إلى الأحكام الواقعية ، وهذا نوع من الاستنباط ، وإطلاقه عليه ليس بنحو من العناية والمجاز ، بل على وجه الحقيقة ، فإن المعنى الظاهر منه عرفا هو المعنى الجامع ، لا خصوص حصة خاصة . ولو تنزلنا عن ذلك وفرضنا : أن وقوعهما في طريق الحكم ليس من باب الاستنباط ، وإنما هو من باب التطبيق والانطباق : كانطباق الطبيعي على مصاديقه وأفراده فلا نسلم أنهما خارجتان من مسائل هذا العلم ، وذلك لأنهما واجدتان لخصوصية بها امتازتا عن القواعد الفقهية ، وهي : كونهما مما ينتهي إليه أمر المجتهد في مقام الإفتاء بعد اليأس عن الظفر بالدليل الاجتهادي كإطلاق أو عموم . وهذا بخلاف تلك القواعد ، فإنها ليست واجدة لها ، بل هي في الحقيقة أحكام كلية إلهية استنبطت من أدلتها لمتعلقاتها وموضوعاتها ، وتنطبق على مواردها بلا أخذ خصوصية فيها أصلا ، كاليأس عن الظفر بالدليل الاجتهادي ونحوه ، فهما بتلك الخصوصية امتازتا عن القواعد الفقهية ، ولأجلها دونتا في علم الأصول