لا يخفى أن المراد من الاطراد ليس تكرار الاستعمال في معنى ، ضرورة أنه إذا صح الاستعمال فيه مرة واحدة يصح فيه مرات عديدة ، من دون فرق في ذلك بين الاستعمال الحقيقي والمجازي . ومن هنا فسر الاطراد شيخنا المحقق ( قدس سره ) بمعنى آخر ، وإليك قوله : مورد هاتين العلامتين : الاطراد وعدمه ما إذا اطلق لفظ باعتبار معنى كلي على فرد يقطع بعدم كونه من حيث الفردية من المعاني الحقيقية ، لكنه يشك في أن ذلك الكلي كذلك أم لا ؟ فإذا وجد صحة الإطلاق مطردا باعتبار ذلك الكلي كشف عن كونه من المعاني الحقيقية ، لأن صحة الاستعمال فيه وإطلاقه على أفراده مطردا لا بد من أن تكون معلولة لأحد الأمرين : إما الوضع ، أو العلاقة ، وحيث لا اطراد لأنواع العلائق المصححة للتجوز ثبت الاستناد إلى الوضع ، فنفس الاطراد دليل على الحقيقة وإن لم يعلم وجه الاستعمال على الحقيقة . كما أن عدم الاطراد في غير مورد يكشف عن عدم الوضع له ، وإلا لزم تخلف المعلول عن العلة ، لأن الوضع علة صحة الاستعمال مطردا ، وهذه العلامة علامة قطعية لو ثبت عدم اطراد علائق المجاز ، كما هو المعروف والمشاهد في جملة من الموارد [1] . انتهى . وحاصله : أن إطلاق لفظ باعتبار معنى كلي على فرد مع القطع بعدم كون ذلك الفرد من حيث الفردية معنى حقيقيا : إن كان مطردا كشف عن كونه من المعاني الحقيقية ، وإن لم يكن مطردا كشف عن كونه من المعاني المجازية . مثلا : إطلاق لفظ " الأسد " على كل فرد من أفراد " الحيوان المفترس " - مع العلم بعدم كون الفرد بخصوصه من المعاني الحقيقية - لما كان مطردا كشف ذلك عن كون " الحيوان المفترس " معنى حقيقيا له ، وإطلاقه على كل فرد من أفراد