الأمر الثامن علامات الحقيقة والمجاز إنهم ذكروا للحقيقة علائم : منها : التبادر ، وهو : خطور المعنى في الذهن بمجرد سماع اللفظ وإطلاقه ، من دون لحاظ أية قرينة وعناية في البين : من حالية أو مقالية . ومن الواضح أن مثل هذا التبادر معلول للوضع لا محالة ، وكاشف عنه كشفا إنيا . والوجه في ذلك : هو أن دلالة اللفظ لا تخلو : إما أن تكون ذاتية ، أو تكون جعلية . وعلى الثاني : إما أن تكون الدلالة مع القرينة ، أو بدونها . أما الأولى : فقد عرفت بطلانها على ما حققناه في مسألة الوضع . وأما الثانية : فهي خارجة عن مفروض كلامنا في المقام ، فيتعين الثالثة ، فيدل التبادر على الوضع . وبتعبير آخر : أن مطلق تبادر المعنى من إطلاق اللفظ وفهمه منه ليس علامة لإثبات الحقيقة ، بل العلامة حصة خاصة منه ، وهي : فهم المعنى من اللفظ نفسه بلا معونة خارجية ، وهي كاشفة عن الوضع لا محالة ، كما يكشف المعلول عن علته . وقد يورد على ذلك : باستلزامه الدور . بيانه : أن من المعلوم بالضرورة أن الوضع وحده لا يكفي للتبادر ، ولا يكون علة تامة له ، فإن الموجب للتبادر هو العلم بالوضع لا نفسه ، فلو انتفى العلم به انتفى التبادر ، فينتج : أن التبادر في الحقيقة معلول للعلم بالوضع ، فلو كان العلم بالوضع متوقفا عليه لدار . وأجاب عنه المحقق صاحب الكفاية [1] ( قدس سره ) بوجهين : الأول : أن التبادر عند العالم بالوضع علامة الحقيقة للجاهل به ، فالمستعلم