باب مبادئ الأحكام . والخلط بينهما موقوف على القول بكون الحسن والقبح مجعولين عقلائيين بحسب المصالح والمفاسد . وقد مضى أنّ المولى الحقيقي يكون حسن طاعته وقبح معصيته ذاتيين . فقد اتضح أنّه لا مجال لفرض التنافي بين قبح التجرّي وجهة الواقع كي يفترض وقوع الكسر والانكسار بينهما [ 1 ] . نعم عدم المنافاة الذي وضحناه هنا إنّما هو بين الوجوب الواقعي مثلا وقبح التجرّي وليس بين الوجوب الواقعي وتنجّز الحرمة بقطع أو أمارة أو غيرهما ، فيمكن دعوى المنافاة بين الحكم الواقعي وهذا التنجّز سواء قلنا بقبح التجرّي أو أنكرنا قبحه ، والكلام في هذه المنافاة مربوط ببحث الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري وسيأتي - إنشاء اللَّه - أنّ الطرق المتعارفة للجمع بينهما لا تتكفل إلَّا الجمع بين الإلزام والترخيص بأن يكون أحد الحكمين إلزاما والآخر ترخيصا دون ما إذا فرض أحدهما إيجابا والآخر تحريما . وعلى أيّ حال فتحقيق الكلام في ذلك مربوط بذاك البحث . وإنّما كان المقصود هنا الإشارة إلى أنّ ما ادعيناه في المقام كان هو عدم المنافاة بين الوجوب الواقعي وقبح التجرّي ، وذلك لا ينافي فرض التنافي بين الوجوب الواقعي وتنجّز الحرمة . فلو سلَّم هذا التنافي ، وقد أثبتنا قبح التجرّي تعين القول بارتفاع الوجوب الواقعي .