بكشف الفعل عن سوء سريرة العبد فهو يناسب إنكار قبح التجري رأسا كما صدر من الشيخ الأعظم ( قدّس سرّه ) . والتحقيق : إنّ افتراض كون الفعل غير قبيح وإنّما القبيح هو صدوره من هذا الشخص ، إن قصد به أنّ هذا الفعل بعنوانه الأولي ليس قبيحا . وإنّما أصبح قبيحا باعتبار صدوره ممّن اعتقد حرمته ، فهذا عبارة أخرى عن أنّ قبح هذا الفعل إنما هو بعنوانه الثانوي - وهو التجري - لا بعنوانه الأولي . وهذا مما لا غبار عليه . إلَّا أنّ هذا ليس تصويرا لقبح فاعلي في قبال القبح الفعلي . وإن أريد بذلك أنّ القبيح ليس هو ذات الفعل بل النسبة الثابتة بينه وبين الفاعل ورد عليه ما حقّقنا في محلَّه من أنّ النسبة بين الفعل والفاعل والعلَّة والمعلول ليست أمرا ثابتا في الخارج وإلَّا لزم التسلسل . وإنّما هي أمر تصوري يرجع إلى تضييق المفهوم وتحصيصه وأمّا في الخارج فليس هناك وجود ثالث غير وجود العلَّة والمعلول أو الفعل والفاعل . نعم بالإمكان أن يقال - مع الاعتراف بأنّ القبيح دائما هو الفعل - إنّ مصدر القبح ومصبّه تارة يكون ذات الفعل بوصفه موجودا من الموجودات تترتب عليه آثار معيّنة سيئة ، وأخرى يكون هذا الفعل بوصفه صادرا من الإنسان لا بذاته بغض النّظر عن حيثية الصدور . والتفكيك بينهما أمر معقول . فمثلا كنس الشوارع بما هو هو حسن وليس قبيحا إذ تترتب عليه نظافة الشوارع ولكن لو صدر من شخصية محترمة لها مقام مخصوص كان قبيحا . فالأول هو القبح الفعلي والثاني هو القبح الفاعلي . وهذا الكلام يتوقف تصويره على إرجاع باب الحسن والقبح إلى باب المصلحة والمفسدة . أما بناء على ما هو صحيح من كونهما أمرين واقعيين مدركين بالعقل