2 - أن يقال : أن نفس القانون المنطقي وإن كان حقا ومراعاته في التطبيق تعصم عن الخطأ ، ولكننا بحاجة إلى عاصم آخر يعصمنا عن الخطأ في نفس التطبيق ، ولا تعقل عاصمية نفس القانون لتطبيقة عن الخطأ ، إذ لا يعقل وجوده في رتبة تطبيقه . ولا بدّ لنا من تعمق أكثر كي نعرف حقيقة الحال . ولتوضيح ما هو التحقيق نتكلم في جهتين : إحداهما في تحقيق الحال بالنّسبة للقضايا البديهية . والثانية في تحقيق الحال بالنّسبة للقضايا المكتسبة . القضايا البديهية أما الجهة الأولى - فقد مضى أن اليقينيات في نظر منطق أرسطو عبارة عن القضايا السّت ، الا أن لنا كلاما حول ضمان حقانية بعض تلك القضايا : فنحن نؤمن بضمان حقانية ( الأوليات ) التي لا يحتاج الجزم بها إلى أكثر من تصور الطرفين ، كقولنا : الكل أعظم من الجزء . و ( الفطريات ) أي القضايا التي قياساتها معها والتي يصدق عليها - ولو بنوع من المسامحة - أنها أيضا لا يحتاج الجزم بها إلى أكثر من تصور الطرفين كقولنا : الأربعة زوج . أما الحسيات فعلى قسمين : أحدهما - الإحساس بالأمور المجردة النفسية كالعلم واللذة ، وهذه لا تقل عن الأوليات فهي أيضا مضمونة الصحة . وثانيهما - الإحساس بالأمور الخارجية ، وهذا تارة نتكلم عنه بلحاظ أفق الحس ، فالمرئي - مثلا - له وجود في أفق الرؤية ، وهو عبارة عن نفس الإحساس الرؤيتي ، وهذا راجع إلى القسم الأول من الإحساس فحاله حاله . وأخرى نتكلم عنه بلحاظ أفق الخارج كإثبات وجود المرئي خارجا ، وهنا نفصل بين إثبات أصل الواقع الموضوعي المستقل