كل قوة ، لقد أربكت الجلاوزة وأرعبتهم ، ولم تدع لهم من سبيل إلَّا الاختفاء في الأزقّة . الشهيدة قرّرت الاستشهاد : بعد أن اعتقل السيد الشهيد ( رحمه اللَّه ) عادت الشهيدة إلى المنزل ، فقلت لها : كان المفروض أن تتريّثي قليلا كي تتبين الأمور وتتوضّح ، إن هذا الخطاب من الممكن أن يؤثر عليكم سلبا ، ويفتح صفحة جديدة لكم في سجلَّات الأمن ، وتزداد مراقبة الأمن لكم ، إضافة إلى الآثار الَّتي ستترتّب على السيد . فقالت الشهيدة ( رحمه اللَّه ) إن المسؤولية الشرعية والواجب الديني هو الَّذي دفعني لاتخاذ هذا الموقف ، ان زمن السكوت انتهى ، ولا بدّ أن نبدأ صفحة جديدة من الجهاد ، لقد سكتنا طويلا ، وكلَّما طال سكوتنا كبرت محنتنا ، وازدادت أتعابنا ، لما ذا أسكت وأنا أرى مرجعا مظلوما يقع في قبضة هؤلاء المجرمين ؟ قلت : إن هؤلاء المجرمين لا يتورّعون من أن تمتد أيديهم القذرة إليكم ، ويمكن أن ينالك الإعدام . فقالت : واللَّه إني أتمنى الشهادة في سبيل اللَّه ، ولقد قرّرت أن استشهد منذ اليوم الأول الذي جاءت فيه الوفود ، فأنا أعرف هذه السلطة ، وأعرف وحشيتهم وقساوتهم ، وأعلم أن الرجل والمرأة عندهم سواء ، أمّا أنا فسيّان عندي أن أعيش أو أموت ، ما دمت واثقة أنّ موقفي كان للَّه ومن أجله تعالى . لقد كنت أستمع للشهيدة ، وكأني أستمع لزينب بنت أمير المؤمنين ( ع ) إنها تتكلم من أعماقها كلام الواثقة كل الثقة بعقيدتها وقضيتها . لقد جسّدت بنت الهدى إيمانها العظيم وصلابتها الهائلة ، ليس في حادث اعتقال السيد الشهيد فقط ، بل وفي طيلة فترة الاحتجاز وفي يوم اعتقالها كما سيأتي .