بمعنى حرمة تركه الغير الموصل الآخر فلكل واحد يفرض تركان أحدهما واجب وهو التّرك الموصل إلى الآخر وهو مقتضى الأمر المتعلق بالآخر والثّاني حرام وهو التّرك الغير الموصل وحرمته مقتضى الأمر المتعلق بذلك الشّيء إذ لا يلزم في الواجب حرمة جميع ما يفرض من تروكه بل يكفي حرمة تركه في الجملة ومنها العبادات المكروهة لها تركان أحدهما مطلوب وهو الموصل إلى الأفضل والآخر مبغوض وهو الغير الموصل ويكفي في رجحانها مبغوضيّة التّرك باعتبار الثّاني ومن ثمرات المسألة أنّ من نذر أن يترك السّفر قربة إلى الله بأن يكون التّقرب قيدا للتّرك وجب عليه التّرك متقربا ويحرم عليه ترك هذا التّرك الخاص وهو ليس عين فعل السّفر ولا ملازما له لإمكان ترك التّرك متقربا من دون فعل السّفر بأن يترك السّفر لا للقربة وحينئذ فلا يحرم عليه فعل السّفر ومنها عدم حرمة الأكل في رمضان بالنّظر إلى الأمر بالصّوم لأنّ الصّوم الإمساك متقربا فيكون تركه حراما وهو أعمّ من فعل الأكل لإمكان تحققه بالإمساك لا تقربا لكن هو حرام بالنّظر إلى الأمر بمطلق الإمساك هذا غاية البيان لمرام الفاضل المذكور وفيه نظر أمّا أوّلا فلأنّه صرح بأنّ الأمر بالشيء عين النّهي عن الضّد العام بمعنى التّرك لأنّ النّهي هو طلب التّرك فإذا تعلق بالتّرك صار طلب ترك التّرك وترك التّرك عين الفعل مصداقا وإن تغايرا مفهوما فنقول إذا كان الفعل متحدا مع ترك التّرك مصداقا اتحد مع ترك التّرك الموصل أيضا لأنّ ترك التّرك من جملة مصاديق ترك التّرك الموصل لأنّ ترك التّرك الخاص له فردان ترك التّرك وترك الخصوصيّة ولا ريب أنّ مصداق مصداق الشّيء مصداق لذلك الشّيء وأمّا ثانيا فلأنّه سلم أنّه لو كان مطلق ترك الضّد واجبا لزم حرمة الفعل فنقول إنّه إن كان لأجل أنّ نقيضه هو الفعل فلنا منعه بل نقيض ترك الضّد هو ترك ترك الضّد على ما ذكره وإن كان لأجل اتحاد الفعل مع ترك التّرك مصداقا فلنا منعه أيضا لأنّ الفعل وجودي فلا يتحد مع العدم على ما ذكره وإن كان لأجل أنّ الفعل لازم لترك التّرك ولازم الحرام حرام فنقول هنا إنّ لازم ترك التّرك الموصل هو كلي له فردان أعني أحد الأمرين من الفعل والتّرك الغير الموصل فيكون هذا الكلي حراما من باب الملازمة وإذا حرم الكلي حرمت أفراده وبالجملة ما ذكره لا يتم حجة على عدم حرمة الفعل بل الأولى له أن يقول إنّ ترك الضّد المجامع للصارف ليس موصلا فليس واجبا حتى يكون فعله حراما والتّحقيق أن يقال في بيانه إنّ علة الواجب إذا كانت مركبة من أمور متعددة وجب الجميع وحرم ترك الجميع وترك الجميع إن وقع دفعة واحدة كان الجميع حراما وإن ترك الجميع على التّعاقب كان الحرام التّرك الأسبق لاستناد ترك الواجب إليه ولم يحرم باقي التّروك المتأخّرة وعلى هذا فنقول علة وجود المضيّق مركبة من أمور منها الإرادة ومنها ترك الموسّع وغير ذلك فيجب الجميع ويحرم ترك الجميع ولكن ترك الجميع هنا ليس دفعة بل أسبق الأجزاء انتفاء هو الإرادة فيكون تركها وهو الصّارف حراما فقط دون ترك ترك