وإن أمكن ذاتا بالمعنى السّابق وحينئذ فنقول إنّ المقدمات المقارنة في ظرف ثبوتها إن تحقق معها ذو المقدمة فقد تحقق فعليّة التّوصل الَّتي هي المناط في الوجوب وإن لم يتحقق فليس هناك إمكان التّوصل بالمعنى المقصود حتى يجب المقدمة بخلاف المقدمات الغير المقارنة لأنّها في ظرف ثبوتها متصفة بإمكان التّوصل فإن قيل سلمنا عدم تحقق إمكان التّوصل في ظرف ثبوتها لكن قبل مجيء ظرف الثّبوت يتصف بأنّه يمكن التّوصل بها بمعنى أن يتحقق معها الواجب في ظرف ثبوتها وهذا القدر من الإمكان كاف في وجوبها كما أنّه كاف في وجوب كل واجب ولو لا كفايته لم يتصف شيء بالوجوب فإنّ وجوب الصّلاة في ظرف ثبوتها ليس ممكنا بل واجب والإمكان شرط التّكليف وبالجملة الإمكان قبل ظرف الثّبوت كاف في الوجوب وهو متحقق في المقارنات أيضا والموصليّة أمر اعتباري لا يوجب تكثر الموضوع في الخارج بل الموجود في الخارج هو ترك الضّد وفعل الأداء مثلا مكانهما قبل وجودهما يصحح اتصافهما بالوجوب فوجبا فإذا ترك الضّد من دون إتيان الأداء فقد تحقق أحد الواجبين وحصل الامتثال به وإن تحقق العصيان بالنّسبة إلى الواجب الآخر قلت سلمنا أنّ الموصليّة أمر اعتباري لا يوجب تكثر الموضوع في الخارج لكن يمكن اعتبار وصف التّقارن في التّرك بحيث لا يكون مطلوبا بدونه فالتقييد داخل والقيد خارج كما في الشّروط الشّرعيّة على القول بعدم وجوبها مع عدم صحة الواجب بدونها لا يقال إذا وجب المقدمة بقيد التّقارن فقد وجب ذات المقدمة لأنّه إذا وجب المقيد وجب المطلق مقدمة وأيضا يلزم أن يكون ذو المقدمة واجبا غيريّا لأنّه مقدمة لحصول وصف التّقارن الواجب لأنّا نقول إنّ المطلق إن كان في ضمن المقيد أعني حين التّقارن نسلم وجوبه وإلَّا فلا لأنّه حينئذ وإن كان مقدمة لحصول المقيد إلَّا أنّه ليس واجبا لعدم تحقق وصف الإيصال حينئذ ولزوم وجوب ذي المقدمة بالوجوب الغيري ممنوع فإنّ ما يجب مقيدا بالتّقارن مع شيء آخر قسمان أحدهما أن يكون واجبا نفسيّا فحينئذ يتصف ذلك الشّيء المحصل لوصف التّقارن بالوجوب الغيري كالصّلاة فإنّها واجبة يقيد المقارنة للطهارة فيجب الوضوء مقدمة والثّاني أن يكون واجبا لأجل ذلك الشّيء المحصل للتّقارن كالطَّهارة فإنّها واجبة بقيد التّقارن مع الصّلاة ولأجل الصّلاة وفي مثل هذا يكفي وجوب الصّلاة بالوجوب النّفسي في وجوبها وفي وجوب الطَّهارة بالوجوب الغيري ولا يلزم اتصاف الصّلاة بالوجوب الغيري هذا تمام الكلام على وجه المماشاة والمداهنة مع القوم وإلَّا فالحق الحقيق بالتّصديق هو خصوص وجوب المقدمة الموصلة مطلقا دون غيرها وبيانه أنّ ما يجب للتّوصل إلى شيء آخر قسمان الأوّل أن يكون ما يترتب عليه من قبيل الخاصية المترتبة على وجوده من دون احتياجه إلى إيجاد مستقل كإنقاذ الغريق المترتب عليه سلامة نفس الغريق الثّاني أن يكون مقدمة لفعل مباشري يحتاج إلى إيجاد مستقل بعد تحقق ذلك مثل مقدمات الواجب ولا إشكال في أنّ الواجب في القسم