قبل البحث في ذلك ، لابد من التنبيه على أمرين . أحدهما : ان منشأ هذا البحث ، ما حكى عن العلمين : الشيخ الرئيس ، والمحقق الطوسي ، من مصيرهما إلى أن الدلالة ، تتبع الإرادة . ثانيهما : ان الدلالة - أي دلالة الألفاظ على المقاصد - على اقسام ثلاثة : القسم الأول : الدلالة التصورية . وهي الانتقال من كثرة استعمال اللفظ في المعنى . وغير مربوط بالدلالة الوضعية . بل لو فرض صدور اللفظ من غير اختيار أو اصطكاك حجر على حجر ، ينتقل الذهن إلى المعنى . القسم الثاني : الدلالة التفهيمية : ويعبر عنها بالدلالة التصديقية فيما قال . وهذه الدلالة ، تتوقف زائدا على العلم بالوضع ، على احراز ان المتكلم في مقام التفهيم ، ولم ينصب قرينة متصلة على الخلاف . القسم الثالث : الدلالة التصديقية فيما أراد . وهي ، الدلالة على مطابقة المراد الجدي للمراد الاستعمالي . وهي ، ثابتة ببناء العقلاء . وبعد ذلك نقل : ان مراد العلمين مما أفاداه ، ليس اخذ الإرادة قيدا للموضوع له أو المستعمل فيه ، - كما توهم صاحب الفصول - حتى يرد عليه : 1 - استحالة أخذ ما هو من مقومات الاستعمال المتأخر بالطبع عن المستعمل فيه في الموضوع له أو المستعمل فيه . وإلا لزم تقدم ما هو متأخر . 2 - لزوم التجريد عند إرادة الحمل . إذ المحمول على زيد - في زيد قائم مثلا - نفس القيام لا بما هو مراد . وكذا الموضوع . فإنه ، نفس زيد لا بما هو مراد . 3 - لازمه كون وضع عامة الألفاظ ، عاما والموضوع له خاصا . لمكان اعتبار خصوص إرادة اللافظين فيما وضع له اللفظ . ولا ما افاده المحقق الخراساني ، من حمل الدلالة في كلامهما ، على الدلالة التصديقية فيما أراد غير الوضعية فان تبعيتها للإرادة في الواقع ونفس الامر واضحة لا مجال للكلام فيها أصلا .