لها من حيث هي ، عنها ، وانها وضعت لابراز قصد الحكاية عن ثبوت المحمول للموضوع ، بعينه يجرى في الانشاء . ويقضى عدم كون الانشاء ، مبرزا للاعتبار النفساني . وانه مبرز لقصد تفهيم ذلك الاعتبار . نعم لو كانت دلالة الانشاء على الاعتبار الخاص بالطبع ، كان ما ذكر تاما ، ولكن بما انها أيضا تكون بالوضع ، فيجرى في الانشاء ما يجرى في الخبار ، من ، ان الواضع تعهد بأنه متى ما قصد تفهيم ثبوت ذلك الاعتبار النفساني ، يجعل مبرزه الجملة الانشائية وعليه ، فالموضوع له والمستعمل فيه ، فيهما واحد ، وهو قصد تفهيم انتساب البيع إلى البايع مثلا ، والاختلاف بينهما انما يكون من ناحية الدواعي بالنحو الذي ستعرفه . والمنسوب إلى المحقق العراقي القول : بان الاخبار والانشاء يشتركان في المحكى عنه بالذات ، وهو نفس المفهوم الذي يتصوره النفس عند تصور الجملة الحاكية ، وانما يفترقان في المحكى عنه بالعرض . فإنه في الاخبار ، يكون المحكى عنه بالعرض ، هو الطبيعي المنطبق على امر جزئي خارجي مفروغ الوجود ، موضوعا كان أو محمولا ، أو نسبة ، يريد المتكلم - بكلامه - الكشف عنها واعلام السامع بها . وفي الانشاء ، الجملة بهيئتها ومادة المسند فيها ، تحكي عن طبيعي النسبة وطبيعي المسند ، الحاكيان عن ايقاع المادة ونسبتها غير المفروغ وقوعهما . بل يرى وجودهما ، معلولين لنفس هذا الانشاء . فوجود البيع الجزئي ، ونسبته الجزئية في الخارج ، يكون نتيجة الانشاء ، بقول : بعت . ويرد على ما ظاهره ما تقدم من أن القول بان حقيقة الانشاء ايجاد معنى باللفظ ، صرف لقلقة اللسان وفي الانشاء أيضا ، لا يوجد المسند والنسبة باللفظ . وانما هما يتحققان قبله بالاعتبار النفساني . ولكنه يمكن توجيه بما ذكرناه ، بان يكون مراده ايجاد المعنى في عالم الاعتبار العقلائي . وذلك كله يظهر ان ما اختاره جماعة من المحققين ، من أن الفرق بينهما انما يكون باختلاف الدواعي ، وانه قد يكون الداعي وهو الايجاد فهو الانشاء ، وقد يكون الحكاية فهو الاخبار ، متين جدا . وخلاصة القول في المقام : ان الموضوع له ، والمستعمل فيه ، في هيئة الصيغة