وفيه : ان هذا يتم لو كانت تلك الأوامر مولوية ، وقد ثبت في محله ان الأوامر المتعلقة بالاجزاء والشرائط ظاهرة في الارشاد إلى شرطيتها وجزئيتها . ومنها : ما ذكره البصري ، وهو انه لو لم يجب المقدمة لجاز تركها وحينئذ فان بقى الواجب على وجوبه لزم التكليف بما لا يطاق ، والاخراج الواجب المطلق عن كونه واجبا . وفيه : ان الملازمة ممنوعة . سواء أريد بالجواز الجواز الشرعي ، بالمعنى الأعم ، أو الأخص ، أم أريد به الجواز أعم من الشرعي والعقلي . اما على الأول : فلانه يمكن ان لا تكون محكومة بحكم أصلا . ودعوى ، انه لا تخلو واقعة عن حكم شرعي متعلق بها ، مندفعة بان هذا من حيث هو ، واما بلحاظ طرو المانع فربما تكون الواقعة غير محكومة بحكم ، كاستدبار الجدي حال الصلاة فإنه لا يكون محكوما بحكم ترخيصي ، لمنافاته مع وجوب الاستقبال ، ولا محكوما بحكم الزامي لعدم المصلحة والمفسدة . واما على الثاني : فلان عدم الجوب شرعا لا يلازم عقلا ، بل العقل يحكم بلزوم الاتيان بها كما في أطراف العلم الاجمالي حيث إن الالزام الشرعي ليس بأزيد من واحد الا ان العقلي منه متعدد . وان أريد بالجواز عدم المنع الشرعي من الترك ، فالملازمة وان كانت ثابتة ولكن مع حكم العقل بلزوم الاتيان بها لا يترتب محذور على الامر بذى المقدمة كما لا يخفى . فالمتحصل تمامية الوجه الأول فحسب وكفى به مدركا للقول بوجوب المقدمة . وربما يفصل بين السبب وغيره بوجوب الأول دون الثاني . واستدل لوجوب الأول بان الامر المتعلق بالمسبب متعلق به . أقول مع قطع النظر عن كون ذلك خارجا عن محل الكلام ، غير تام في نفسه . وتنقيح القول فيه ان في تعلق الامر المتعلق بالمسبب بالسبب ، أقوالا : أحدها : انه متعلق بالسبب مطلقا عقلا . ثانيها : انه متعلق به نفسه كذلك ، ثالثها : التفصيل : بين ما لو كانت الواسطة من قبل الآلة مثل انكسار الخشية المتحقق بايصال الآلة قوة الانسان إليها فالمتعلق هو المسبب ، وبين ما لو لم يكن كذلك كما لو كان في البين فاعل آخر ، كما في