الثانية : من جهة الشك في وجوب ما تردد امره بين كون وجوبه نفسيا ، أم غيريا قبل تحقق شرط ما علم كونه نفسيا ، فقد اختار المحقق النائيني ( ره ) جريان البراءة عن وجوبه قبل تحقق ذلك الشرط فتكون النتيجة من هذه الجهة نتيجة الغيرية ، فيختص وجوب الغسل في المثال بما بعد دخول الوقت . ولكن الأظهر عدم جريانها ، اما العقلية منها فللعلم بعدم ترتب العقاب على تركه قبل الزوال خاصة ، إذ المفروض ان وجوبه غير مختص بما قبل الزوال بل هو على فرض وجوبه نفسيا موسع ، واما الشرعية منها فلأنها انما تجرى لرفع الكلفة الزايدة لا لرفع التوسعة وجريان البراءة في ذلك موجب للتضييق لا للتوسعة ، بل البراءة في المقام تجرى عن لزوم ايقاع ذلك العمل بعد الشرط فتكون النتيجة من هذا الجهة أيضا نتيجة النفسية . وبذلك ظهر حكم الشك من الجهة الثالثة وهو عدم لزوم الاتيان به بعد الشرط لو أتى به قبله كما لا يخفى . الصورة الثالثة : ما لو لم يعلم الا وجوب ما يدور امره بين كونه واجبا نفسيا أو غيريا ، لاحتمال ان يكون في الواقع واجب آخر فعلى يتوقف حصوله على ما علم وجوبه اجمالا . وفي هذه الصورة نسب المحقق النائيني ( ره ) إلى الكفاية التمسك بالبرائة في المقام ، وأورد عليه بان استحقاق العقاب على ترك معلوم الوجوب اما لنفسه أو يتوقف واجب فعلى عليه معلوم تفصيلات فيكون منجزا ، وان لم يكن ذاك الوجوب المحتمل ثبوته في الواقع منجزا من جهات اخر ، فان عدم تنجزه من جهة لا ينافي تنجزه من جهة أخرى ، واصل البراءة لا ينافي فعليته واقعا وتنجزه بمقدار العلم ، بناءا على ما حقق في محله من صحة التفكيك في التنجز فلا تجرى البراءة في وجوب ما علم وجوبه المردد بين كونه نفسيا أو غيريا . وما افاده المحقق النائيني في نفسه حق لا ريب فيه ، الا ان ما في الكفاية من الرجوع إلى البراءة هو في غير هذه الصورة ، بل مورد كلامه الصورة الرابعة الآتية ، واما هذه الصورة فهي داخلة في المورد الأول الذي اختار فيه عدم جريان البراءة .