واما المحقق النائيني ( ره ) فقد استدل لما اختاره بعد الاعتراض على الشيخ الأعظم ( ره ) بان التعلم ليس من المقدمات العقلية التي لها دخل في القدرة ، لان الجهل بالحكم لا يوجب سلب القدرة ومن هنا كانت الاحكام مشتركة بين العالم والجاهل . بما حاصله ان العقل يستقل بان لكان من المولى والعبد وظيفة ، فوظيفة المولى اظهار مراداته وتبليغها بالطرق المتعارفة التي يمكن للعبد الوصول إليها ان لم يحدث هناك مانع فوظيفته ارسال الرسل وانزال الكتب وتشريع الاحكام ، وبعد ذلك تصل النوبة إلى وظيفة العبد ، وانه على العبد الفحص عن مرادات المولى واحكامه ، وحينئذ يستقل العقل باستحقاق العبد للعقاب عند ترك وظيفته ، كما يستقل بقبح العقاب عند ترك المولى وظيفته ، ولولا استقلال العقل بذلك لا نسد طريق وجوب النظر إلى معجزة من يدعى النبوة ، وللزم افحام الأنبياء ، إذ لو لم يجب على العبد النظر إلى معجزة مدعى النبوة لما كان للنبي ان يحتج على العبد بعدم تصديقه له ، إذ للعبد ان يقول لم اعلم بأنك نبي ، وبالجملة كما يستقل العقل بلزوم النظر إلى معجزة من يدعى النبوة كذلك يستقل بوجوب تعلم أحكام الشريعة ، والمناط في الجميع واحد وهو استقلال العقل بان ذلك من وظيفة العبد ، ومن هنا لا يختص وجوب التعلم بالبالغ كما لا يختص وجوب النظر في معجزة النبي به ، بل يجب ذلك قبل البلوغ ان كان مميزا ليكون أول بلوغه مؤمنا مصدقا بالنبوة ، وإلا لزم عدم وجوب الايمان عليه أول البلوغ ، ويجب تعلم الصبي احكام العبادة الواجبة عليه أول البلوغ إذا لم يتمكن منه في وقته لو ترك التعلم قبل البلوغ . وفي كلامه موقعان للنظر ببيان ما هو الحق في المقام . وتفصيله ، ان ترك التعلم قبل وقت الواجب أو شرطه يكون على اقسام . أحدها : ما لو تمكن المكلف مع تركه من تعلم الواجب بعد ذلك ، والامتثال العلمي التفصيلي ، كما لو ترك تعلم مسائل الحج قبل زمان وجوبه مع كونه متمكنا من تعلم احكامه تدريجا من الوقت الذي يحرم فيه إلى آخر اعمال الحج ، ومن الضروري انه لا وجه للقول بوجوب التعلم قبل دخول الوقت حينئذ على القول بعدم كون وجوبه نفسيا ، نعم بعد دخول الوقت لا يجوز له تركه مع عدم امكان الامتثال الاجمالي .