والنهار ، فهو بديهي الفساد . إذ لا ريب في أنه مع الجهل باللغة لا ينتقل الذهن إلى المعنى من تصوير اللفظ . وان كان المراد ، ثبوت المناسبة الذاتية بين كل لفظ ومعناه ، وان كانت تلك المناسبة بنحو لا يلتفت إليها الواضع حين الوضع ، وهو وان لم يكن مستحيلا ، الا انه لابد من إقامة البرهان عليه ، والاستدلال له : بأنه بما ان نسبة جميع الألفاظ إلى كل معنى من المعاني على حد سواء فوضع لفظ خاص لمعنى مخصوص من دون تلك المناسبة ، ترجيح بلا مرجح ، وهو محال ، فلابد من الالتزام بثبوتها ، فاسد . لعدم استحالة الترجيح بلا مرجح ، كما حقق في محله ، لا سيما إذا كان هناك مرجح لاختيار الطبيعي الجامع بين الافراد ، فإنه في هذه الصورة لا قبح فيه أيضا - وسيأتي الكلام في ذلك في مبحث الطلب والإرادة - مع أن المرجح يمكن ان يكون أمرا خارجيا ، كمن يسمى ولده ( رضا ) لكونه متولدا في يوم تولد اما منا الرضا ( ع ) مثلا ، مضافا إلى أن الالتزام بذلك ، غير مربوط بالمدعى ، وهو كون العلقة أمرا واقعيا ، واما يكون ذلك التزاما بان منشأها أمرا حقيقيا فتحصل عدم كون دلالة الألفاظ على معانيها ذاتية محضة . وقد يدعى كما عن المحقق النائيني ( ره ) بان الوضع وسط بين الواقعيات والجعليات . وحاصل ما ذكره : انه بعد ما نقطع بحسب التواريخ انه ليس هناك شخص أو جماعة وضعوا الألفاظ للمعاني ، ونرى عدم كون الدلالة ذاتية ، لا محيص عن الالتزام بان الواضع هو الله تعالى ليس جعل لكل معنى لفظا خاصا لما بينهما مناسبة مجهولة عندنا ، وهذا الجعل منه تعالى ليس جعلا تكوينيا كحدوث العطش عند احتياج المعدة إلى الماء ، ولا جعل تشريعيا كجعل الاحكام المحتاج ايصالها إلى ارسال الرسل ، بل يكون وسطا بينهما ، ويلهم الله تبارك وتعالى عباده على اختلافهم بالتكلم بلفظ مخصوص عند إرادة معنى خاص ، فحقيقة الوضع هو الوضع هو التخصيص والجعل الإلهي . ويرد عليه - مضافا إلى أن لازم ما ذكره عدم كونه أمرا واقعيا بل جعلنا غاية الامر طريق ايصاله غير طريق ايصال ساير المجعولات الشرعية وذلك لا يخرجه عن كونه جعليا ، هذا البرهان مؤلف من أمرين : الأول عدم امكان كون الواضع هو البشر : لاستحالة احداث شخص أو أشخاص ألفاظ جديدة بقدر ألفاظ أي لغة ، أو تعذره ، بل