كما في خبر صالح بن سهل 1 ، وسر الله كما في النبوي 2 وبمعناهما أخبار أخر . وقد قال الفخر الرازي : حال هذه المسألة عجيبة ، فان الناس كانوا فيها مختلفين أبدا بسبب أن ما يمكن الرجوع فيها إليه متعارض متدافع . ثم ذكر جملة من أدلة الطرفين ثم قال : وأما الدلائل السمعية فالقرآن مملو مما يوهم الامرين وكذا الآثار ، وان من أمة من الأمم لم تكن خالية من الفرقتين ، وكذا الأوضاع والحكايات متدافعة من الجانبين ، حتى قيل إن وضع النرد على الجبر ووضع الشطرنج على القدر - انتهى . ومثله في الاعتراف بالشك والحيرة محيي الدين بن العربي في محكى الفتوحات . ولعلمائنا في تحقيقه مسالك : الأول ما ذهب إليه الشيخ المفيد ( ره ) في شرحه على الاعتقادات وهو أن الله أقدر الخلق على أفعالهم ومكنهم من أعمالهم وحد لهم الحدود في ذلك ونهاهم عن القبائح بالزجر والتخويف والوعد والوعيد ، فلم يكن بتمكينهم من الأعمال مجبرا لهم عليها ، ولم يفوض الأعمال إليهم لمنعهم من أكثرها ووضع الحدود لهم فيها وأمرهم بحسنها ونهاهم عن قبيحها . ثم قال : فهذا هو الفضل بين الجبر والتفويض - انتهى . وهو حسن ، ولكن لا يصح تنزيل الأخبار الكثيرة الواردة في بيان الامر بين الامرين التي ستمر عليك جملة منها على ذلك . الثاني أن المراد به أن الله تعالى جعل عباده مختارين في الفعل والترك مع قدرته على صرفهم عما يختارون وعلى جبرهم على فعل ما لا يفعلون . وهذا أيضا حسن ، الا أن الظاهر كون الامر بين الامرين أدق من ذلك كما سيمر عليك . الثالث أن المراد به بأن الأسباب القربية للفعل بقدرة العبد والأسباب البعيدة كالآلات والأدوات والجوارح والأعضاء والقوى بقدرة الله سبحانه ، فقد حصل الفعل
1 - أصول الكافي 1 / 159 باب الجبر والقدر ، حديث 10 . 2 - الوافي 1 / 118 باب الجبر والقدر .