وهذه الجملة تكون ناظرة إلى ذلك ، ومحصل مفادها حينئذ : انه أطاع فالله أولى به لأنه الموفق ، وان عصى فالعبد أولى به لأنه اتبع فيه هو نفسه وشهواته . الثالث - ان منشأ لأولوية هو أن الله تعالى انما أعطى نعمة الوجود والقدرة والشعور وغيرها وأمر بصرفها في محلها ، فان فعل ذلك فقد عمل بوظيفته ومع ذلك فالله هو ولى الاحسان الذي مكنه من ذلك ، وان لم يفعل ذلك وصرف النعمة في غير محلها فقد فعل بسوء اختياره ، وهذا حسن . ويؤيده تذييل هذه الجملة في بعض تلك النصوص بقوله تعالى " عملت المعاصي بقوتي التي جعلتها فيك " . حقيقة السعادة والشقاوة الثاني انه قد مر أن المحقق الخراساني ( ره ) التزم بأن الكفر العصيان تابعان للاختيار الناشئ عن مقدماته الناشئة عن شقاوتهما الذاتية اللازمة لخصوص ذاتهما ، واستشهد لذلك بخبرين : أحدهما " السعيد سعيد في بطن أمه ، والشقي شقي في بطن أمه " 1 ، والثاني " الناس معادن كمعادن الذهب والفضة " 2 ، قال والذاتي لا يعلل . أقول : السعادة والشقاوة ليستا ذاتيتين ، وذلك لان السعادة عبارة عما يوجب دخول الجنة والراحة الأبدية واللذات الدائمة ، والشقاوة عبارة عما يوجب دخول النار والعقوبات والا لام . ويتضح ذلك بعد بيان الحقيقة السعادة والشقاوة ، وهي : أن سعادة كل شئ هي بلوغه منتهى كماله وغاية فعليته بحسب نوعه ، وهي الفعلية التامة من جميع ما لنوعه من الاستعداد . وهذه هي المرتبة العليا من السعادة ، ويقابلها الشقاوة المطلقة ، وهي عدم كمال
1 - تفسير على بن إبراهيم ص 214 . 2 - الوافي 1 / 116 .