الواسطة ، وانما أسندوا إلى النفس ما لا يمكن اسناده إلى البدن ، وهو علم الانسان بنفسه ومشاهدته ذاته كما تقدم . ويرد على الوجه الثالث مضافا أوردناه على الوجه الأول : ان غاية ما يمكن أن يثبت بما ذكر من الأصول المادية المكتشفة بالبحث العلمي : ان العلل الطبيعة لا تقى بوجود الروح ، ولا تصلح أن يستنتج منها وجوده . وقديما قالوا " عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود " ، فالمتحصل : ان وجود ذلك الحقيقة المعبر عنها ب " أنا " غير قبال للانكار . وتلك الحقيقة لها حكومة على سائر الأعضاء والغرائز ولها أن تفشل ما يميل إليه سائر الأعضاء ، وهي العاملة القوبة الموجبة لحصول الاعتدال بين ما هو أساس الغرائز ، وهو حس جلب النفع ودفع الضرر ، مع التكاليف الاجتماعية والدينية ، وبالنتيجة تصير الافعال موافقة للقوانين الخارجية . الشوق ليس علة للفعل الاختياري الثانية ان الموجب لصدور الفعل الاختياري هو اعمال هذه الحقيقة قدرتها في العمل لا الشوق ، إذ نرى بالوجدان أنه يعد تحقق الشوق الأكيد المتعلق بالهدف وبنفس الفعل ، يمكن لتلك الحقيقة المشار إليها آنفا أن تمنع عن الفعل وتمنع عن تحققه وتوجب أن لا يوجد . قال أرسطو : ان ما هو سبب صدور الفعل هو ذلك لا الشوق المشترك بين الانسان وسائر الحيوانات ، وأيضا ربما يعارض ذلك مع الشوق والرغبة ولا يعقل المبارزة الا مع التعدد ، وأيضا ان الشوق يتعلق بالمجال والممتنع ولا يقع تعلق الاختيار به . نعم ، لا ننكر أن العوال الخارجية والداخلية ربما تبلغ من الشدة إلى حد تغفل الحقيقة الآنية عن نفسها . مثلا لو استمعت صوتا حسنا وغفلت عن نفسها ، وفي مثل ذلك لا محالة يصدر الفعل لكنه فعل غير اختياري وخارج عن تحت القدرة .