عليه ، وإلَّا فيوجب خلوّ الموضوع عن الحكم وهو خلاف الضرورة .
إن قلت : إنه وإن لم يكن نفس الضرر أو الإضرار محكوما إلَّا بالحرمة إلَّا أنّ الفعل الموجب للضرر محكوم بالجواز أو الكراهة أو الاستحباب أو الوجوب فيمكن حينئذ رفع هذه الأحكام من الفعل الموجب له .
قلت : ظاهر فرض نفي الحكم بلسان نفي الموضوع هو أن يكون الضرر بنفسه تمام الموضوع من غير أن يكون هنا تقدير أو تأويل .
إن قلت : إنّ قصة سمرة تكون قرينة على التقدير المذكور وذلك لأنّ عمل سمرة لم يكن بنفسه ضررا أو إضرارا وإنما كان محفوفا به ومعروضا له ، فهذه قرينة على أنّ المراد من الضرر ليس نفس الضرر بل المراد هو الفعل الموجب له .
قلت : كان سمرة في عمله فاعلا لفعلين ، الأوّل : ذهابه إلى عذقه واستفادته منه وهذا ليس بنفسه عملا ضرريا .
الثاني : عدم استئذانه كما في أحد النقلين ، أو نظره إلى ما كان يكره الأنصاري النظر إليه كما في النقل الآخر ، وهذا هو الذي كان بنفسه ضررا أو موجبا للضرر ، فالذي منعه رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله ونهي عنه هو الثاني لا الأول ، ولذا كان صلَّى اللَّه عليه وآله أمره أولا بناء على خبر زرارة الأول بالاستئذان ، ولمّا أبي عن ذلك ولجّ في غيّه أمر صلَّى اللَّه عليه وآله بقلع العذق ورميه إليه حسما لمادّة الضرر والإضرار ، فنهى النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله في الواقع إنما كان عن عدم استئذانه لا عن ذهابه إلى عذقه أو عن استفادته منه بل إنما كان عن عدم استئذانه أو عن نظره إلى ما كان الأنصاري يكره النظر إليه ، وهذا بنفسه كان ضررا وإيذاء على الأنصاري . فالنهي في تلك القصة إنما كان عن نفس الضرر الواقع لا عن الفعل الجائز في نفسه الموجب لحدوث الضرر ليكون قرينة على إرادة الفعل الضرري من جملة « لا ضرر ولا ضرار » .

36