ولكن كلمة الاجتهاد تطورت بعد ذلك في مصطلح فقهائنا ولا يوجد لدينا الآن نص شيعي يعكس هذا التطور أقدم تاريخا من كتاب المعارج للمحقق الحلي المتوفى سنة ( 676 ه ) ، إذ كتب المحقق تحت عنوان حقيقة الاجتهاد يقول : " وهو في عرف الفقهاء بذل الجهد في استخراج الأحكام الشرعية ، وبهذا الاعتبار يكون استخراج الاحكام من أدلة الشرع اجتهادا ، لأنها تبتني على اعتبارات نظرية ليست مستفادة من ظواهر النصوص في الأكثر ، سواء كان ذلك الدليل قياسا أو غيره ، فيكون القياس على هذا التقرير أحد أقسام الاجتهاد . فإن قيل : يلزم - على هذا - أن يكون الامامية من أهل الاجتهاد . قلنا : الامر كذلك لكن فيه إيهام من حيث أن القياس من جملة الاجتهاد ، فإذا استثني القياس كنا من أهل الاجتهاد في تحصيل الاحكام بالطرق النظرية التي ليس أحدها القياس " . ويلاحظ على هذا النص بوضوح أن كلمة الاجتهاد كانت لا تزال في الذهنية الأساسية مثقلة بتبعة المصطلح الأول ، ولهذا يلمح النص إلى أن هناك من يتحرج من هذا الوصف ويثقل عليه أن يسمي فقهاء الامامية مجتهدين . ولكن المحقق الحلي لم يتحرج عن اسم الاجتهاد بعد أن طوره أو تطور في عرف الفقهاء تطويرا يتفق مع مناهج الاستنباط في الفقه الامامي ، إذ بينما كان الاجتهاد مصدرا للفقيه يصدر عنه ودليلا يستدل به كما يصدر عن آية أو رواية ، أصبح في المصطلح الجديد يعبر عن الجهد الذي يبذله الفقيه في استخراج الحكم الشرعي من أدلته ومصادره ، فلم يعد مصدرا من مصادر الاستنباط ، بل هو عملية استنباط الحكم من مصادره التي يمارسها الفقيه . والفرق بين المعنيين جوهري للغاية ، إذ كان على الفقيه - على أساس