الخارج عن دليل الأصل ، فاطلاق دليل الأصل لكل طرف يعارض اطلاقه للطرف الآخر . ويسقط الاطلاقان معا ، فلا تجري البراءة الشرعية هنا ، ولا هناك للتعارض بين الأصلين ، ويجري كل فقيه حينئذ وفقا للمبنى الذي اختاره في المقام الأول لتشخيص حكم العقل بالمنجزية ، فعلى مسلك حق الطاعة القائل بمنجزية العلم والاحتمال معا تجب الموافقة القطعية ، لان الاحتمال في كل من الطرفين منجز عقلا ما لم يردن إذن في مخالفته ، والمفروض عدم ثبوت الاذن ، وعلى مسلك قاعدة قبح العقاب بلا بيان القائل بمنجزية العلم دون الاحتمال ، فيقتصر على مقدار ما تقتضيه منجزية العلم بالجامع على الافتراضات الثلاثة المتقدمة فيها . واما إذا لم نبن على استحالة الترخيص في المخالفة القطعية عن طريق اجراء أصلين مؤمنين في الطرفين ، فقد يقال حينئذ : انه لا يبقى مانع من التمسك باطلاق دليل البراءة لاثبات جريانها في كل من الطرفين ، ونتيجة ذلك جواز المخالفة القطعية . ولكن الصحيح مع هذا عدم جواز التمسك بالاطلاق المذكور وذلك . أولا : لان الترخيص في المخالفة القطعية وإن لم يكن منافيا عقلا للتكليف الواقعي المعلوم بالاجمال ، إذا كان ترخيصا منتزعا عن حكمين ظاهريين في الطرفين ، ولكنه مناف له عقلائيا وعرفا ، ويكفي ذلك في تعذر الاخذ بإطلاق دليل البراءة . وثانيا : ان الجامع قد تم عليه البيان بالعلم الاجمالي ، فيدخل في مفهوم الغاية لقوله تعالى * ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) * [1] .