ففي الصورة الأولى لو صلى المكلف العاجز جالسا في أول الوقت ، وتجددت له القدرة على القيام قبل خروج الوقت وجبت عليه الإعادة ، لان الامر الواقعي الأولي بالصلاة قائما يشمله بمقتضى إطلاق دليله ، وما أتى به لا موجب للاكتفاء به . وأما في الصورة الثانية فلا توجب الإعادة على من صلى جالسا في أول الوقت ثم تجددت له القدرة قبل خروجه ، وذلك لان صلاة الجالس التي أداها قد تعلق بها الامر بحسب الفرض ، وهذا الامر ليس تعيينيا لأنه لو لم يصل من جلوس في أول الوقت ، وصلى من قيام في آخر الوقت لكفاه ذلك بلا أشكال فهو إذن أمر تخييري بين الصلاة الاضطرارية في حالة العجز ، والصلاة الاختيارية في حال القدرة ، ولو وجبت الإعادة لكان معنى هذا أن التخيير لا يكون بين هذه الصلاة وتلك ، بل بين أن يجمع بين الصلاتين وبين أن ينتظر ويقتصر على الصلاة الاختيارية ، وهذا تخيير بين الأقل والأكثر في الايجاب ، وهو غير معقول ، كما تقدم . وبهذا يثبت ان الامر الاضطراري في الصورة الثانية يقتضي كون امتثاله مجزيا عن الامر الواقعي الاختياري . وتعرف بذلك ثمرة البحث في امتناع التخيير بين الأقل والأكثر .