عنصريه هي " إما وإما " إذ تقول في المثال المتقدم : " سافر اما أخي الأكبر واما أخي الأصغر " فإن جانب الاثبات في هذه الصيغة يمثل عنصر الوضوح والعلم ، وجانب التردد الذي تصوره كلمة " إما " يمثل عنصر الخفاء والشك وكلما أمكن استخدام صيغة من هذا القبيل دل على وجود علم إجمالي في نفوسنا . ويطلق على الحالة الثالثة اسم " الشك الابتدائي " أو " البدوي " أو " الساذج " وهو شك محض غير ممتزج بأي لون من العلم ، ويسمى بالشك الابتدائي أو البدوي تمييزا له عن الشك في طرف العلم الاجمالي ، لان الشك في طرف العلم الاجمالي يوجد نتيجة للعلم نفسه ، فأنت تشك في أن المسافر هل هو أخوك الأكبر أو الأصغر نتيجة لعلمك بأن أحدهما لا على التعيين قد سافر حتما ، وأما الشك في الحالة الثالثة فيوجد بصورة ابتدائية دون علم مسبق . وهذه الحالات الثلاث توجد في نفوسنا تجاه الحكم الشرعي ، فوجوب صلاة أصبح معلوم تفصيلا ، ووجوب صلاة الظهر في يوم الجمعة مشكوك شكا ناتجا عن العلم الاجمالي بوجوب الظهر أو الجمعة في ذلك اليوم ، ووجوب صلاة العيد مشكوك ابتدائي غير مقترن بالعلم الاجمالي . وهذه الأمثلة كلها من الشبهة الحكمية ، ونفس الأمثلة يمكن تحصيلها من الشبهة الموضوعية فتكون تارة عالما تفصيلا بوقوع قطرة دم في هذا الاناء ، وأخرى عالما إجمالا بوقوعها في أحد إناءين وثالثة شاكا في أصل وقوعها شكا يدويا . ونحن في حديثنا عن القاعدة العملية الثانوية التي قلبت القاعدة العملية الأساسية كنا نتحدث عن الحالة الثالثة ، أي حالة الشك البدوي الذي لم يقترن بالعلم الاجمالي . والآن ندرس حالة الشك الناتج عن العلم الاجمالي ، أي الشك في الحالة الثانية من الحالات الثلاث السابقة ، وهذا يعني أننا درسنا الشك بصورته