بالوصف والعنوان ؟ ومثاله أن يتوضأ المكلف بماء مغصوب ، فأن هذه العملية التي يؤديها إذا لوحظت من ناحية وجودها فهي شئ واحد ، وإذا لوحظت من ناحية أوصافها فهي توصف بوصفين إذ يقال عن العملية : إنها وضوء ، ويقال عنها في نفس الوقت : إنها غضب وتصرف في مال الغير بدون إذنه ، وكل من الوصفين يسمى " عنوانا " . ولأجل ذلك تعتبر العملية في هذا المثال واحدة ذاتا ووجودا ومتعددة وصفا وعنوانا . وفي هذه النقطة قولان للأصوليين " أحدهما " أن هذه العملية ما دامت متعددة بالوصف والعنوان تلحق بالفعلين المتعددين ، فكما يمكن أن يتصف دفع الزكاة للفقير بالوجوب وشرب الماء النجس بالحرمة ، كذلك يمكن أن يكون أحد وصفي العملية وعنوانيها واجبا وهو عنوان الوضوء والوصف الآخر حراما وهو عنوان الغصب . وهذا القول يطلق عليه اسم " القول بجواز اجتماع الأمر والنهي " . و " القول الآخر " يؤكد على إلحاق العملية بالفعل الواحد على أساس وحدتها الوجودية ، ولا يبرر مجرد تعدد الوصف والعنوان عنده تعلق الوجوب والحرمة معا بالعملية . وهذا القول يطلق عليه اسم " القول بامتناع اجتماع الأمر والنهي " . وهكذا اتجه البحث الأصولي إلى دراسة تعدد الوصف والعنوان من ناحية أنه هل يبرر اجتماع الوجوب والحرمة معا في عملية الوضوء بالماء المغصوب ؟ أو أن العملية ما دامت واحدة وجودا وذاتا فلا يمكن أن توصف بالوجوب والحرمة في وقت واحد . فقد يقال إن الاحكام باعتبارها أشياء تقوم في نفس الحاكم إنما تتعلق بالعناوين والصور الذهنية لا بالواقع الخارجي مباشرة ، فيكفي التعدد في العناوين والصور لارتفاع المحذور ، وهذا معناه جواز اجتماع الأمر والنهي .