2 - الدليل العقلي دراسة العلاقات العقلية حينما يدرس العقل العلقات بين الأشياء يتوصل إلى معرفة أنواع عديدة من العلاقة ، فهو يدرك مثلا علاقة التضاد بين السواد والبياض ، وهي تعني استحالة اجتماعهما في جسم واحد ، ويدرك علاقة التلازم بين السبب والمسبب ، فإن كل مسبب في نظر العقل ملازم لسببه ويستحيل انفكاكه عنه ، نظير الحرارة بالنسبة إلى النار ، ويدرك علاقة التقدم والتأخر في الدرجة بين السبب والمسبب . ومثاله : إذا أمسكت مفتاحا بيدك وحركت يدك فيتحرك المفتاح بسبب ذلك ، وبالرغم من أن المفتاح في هذا المثال يتحرك في نفس اللحظة التي تتحرك فيها يدك ، فإن العقل يدرك أن حركة اليد متقدمة على حركة المفتاح ، وحركة المفتاح متأخرة عن حركة اليد لا من ناحية زمنية ؟ من ناحية تسلسل الوجود ، ولهذا نقول حين نريد أن نتحدث عن ذلك : " حركت يدي فتحرك المفتاح " فالفاء هنا تدل على تأخر حركة المفتاح عن حركة اليد ، مع إنهما وقعا في زمان واحد . فهناك إذن تأخر لا يمت إلى الزمان بصلة ، وإنما ينشأ عن تسلسل الوجود في نظر العقل ، بمعنى أن العقل حين يلحظ حركة اليد وحركة المفتاح ، ويدرك أن هذه نابعة من تلك ، يرى أن حركة المفتاح متأخرة عن حركة اليد بوصفها نابغة منها ، ويرمز إلى هذا التأخر بالفاء فيقول : " تحركت يدي فتحرك المفتاح " ، ويطلق على هذا التأخر اسم " التأخر الرتبي " . وبعد أن يدرك العقل تلك العلاقات يستطيع أن يستفيد منها في اكتشاف وجود الشئ أو عدمه ، فهو عن طريق علاقة التضاد بين السواد والبياض ، يستطيع أن يثبت عدم السواد في جسم إذا عرف أنه أبيض نظرا إلى استحالة