وفي ذاك ولا يعقل إفناء الشئ الواحد مرتين في عرض واحد . فإن قلت بإمكاني أن أوحد بين المعنيين بأن أكون منهما مركبا مشتملا عليهما معا وافني اللفظ لحاظ في ذلك المركب ، كان الجواب أن هذا ممكن ولكنه استعمال للفظ في معنى واحد لا في معنيين . الحقيقة والمجاز ويقسم الاستعمال إلى حقيقي ومجازي ، فالاستعمال الحقيقي هو استعمال اللفظ في المعنى الموضوع له الذي قامت بينه وبين اللفظ علاقة لغوية بسبب الوضع ، ولهذا يطلق على المعنى الموضوع له اسم " المعنى الحقيقي " . والاستعمال المجازي هو استعمال اللفظ في معنى آخر لم يوضع له ولكنه يشابه ببعض الاعتبارات المعنى الذي وضع اللفظ له ، ومثاله أن تستعمل كلمة " البحر " في العالم العزير علمه لأنه يشابه البحر من الماء في الغزارة والسعة ، ويطلق على المعنى المشابه للمعنى الموضوع له اسم " المعني المجازي " وتعتبر علاقة اللفظ بالمعنى المجازى علاقة ثانوية ناتجة عن علاقاته اللغوية الأولية بالمعنى الموضوع له ، لأنها تنبع عن الشبه القائم بين المعنى الموضوع له والمعنى المجازي . والاستعمال الحقيقي يؤدي غرضه ، وهو انتقال ذهن السامع إلى تصور المعنى بدون أي شرط ، لان علاقة السببية القائمة في اللغة بين اللفظ والمعنى الموضوع له كفيلة بتحقيق هذا الغرض . وأما الاستعمال المجازي فهو لا ينقل ذهن السامع إلى المعنى ، إذ لا توجد علاقة لغوية وسببية بين لفظ البحر والعالم ، فيحتاج المستعمل لكي يتحقق غرضه في الاستعمال المجازي إلى قرينة تشرح مقصوده فإذا قال مثلا : " بحر في العلم " كانت كلمة " في العلم " قرينة على المعنى المجازي ، ولهذا يقال عادة