السيرة ، وتطابق عدد كبير من المتشرعة عليها ، ومن هنا قلنا أن سيرة المتشرعة تناظر الاجماع لأنها معا يقومان في كشفهما على أساس حساب الاحتمال . غير أن الاجماع يمثل موقفا فتوائيا نظريا للفقهاء ، والآخر يمثل سلوكا عمليا دينيا للمتشرعة . وكثيرا ما تشكل سيرة المتشرعة بالمعنى المذكور الحلقة الوسيطة بين الاجماع والدليل الشرعي ، بمعنى أن تطابق أهل الفتوى على حكم مع عدم كونه منصوبا فيما بأيدينا من نصوص يكشف بظن غالب اطمئناني عن تطابق سلوكي ، وارتكازي من المتشرعة المعاصرين لعصر النصوص ، وهذا بدوره يكشف عن الدليل الشرعي . وبكلمة أخرى إن الاجماع المذكور يكشف عن رواية غير مكتوبة ، ولكنها معاشة سلوكا وارتكازا بين عموم المتشرعة . الاحراز الوجداني للدليل الشرعي غير اللفظي : مر بنا أن دليل السيرة العقلائية يعتمد على ركنين : أحدهما : قيام السيرة المعاصرة للمعصومين من العقلاء على شئ والآخر : سكوت المعصوم الذي يدل - كما تقدم - على الامضاء . والسؤال الآن كيف يمكن أن نحرز كل واحد من هذين الركنين ؟ فإننا بحكم عدم معاصرتنا لهما زمانا يجب أن نستدل عليهما بقضايا معاصرة ثابتة وجدانا لكي نحرز بذلك هذا النوع من الدليل الشرعي . أما السيرة المعاصرة للمعصومين عليهم السلام ، فهناك طرق يمكن أن يدعى الاستدلال بها عليها ، وقد تستعمل نفس الطرق لاثبات السيرة المعاصرة للمعصومين من المتشرعة بوصفهم الشرعي : الطريق الأول : أن نستدل على ماضي السيرة العقلائية بواقعها المعاصر لنا . وهذا الاستدلال يقوم على إفتراض الصعوبة في تحول السيرة من سلوك إلى سلوك مقابل ، وكون السيرة العقلائية معبرة - بوصفها عقلائية - عن نكات