4 - إذا تعارض دليلان من غير الأدلة اللفظية فمن المستحيل أن يكون كلاهما قطعيا ، لان ذلك يؤدي إلى التناقض ، وإنما قد يكون أحدهما قطعيا دون الآخر ، فيؤخذ بالدليل القطعي . 2 - التعارض بين الأصول وأما التعارض بين الأصول فالحالة البارزة له هي التعارض بين البراءة والاستصحاب ، ومثالها أنا نعلم بوجوب الصوم عند طلوع الفجر من نهار شهر رمضان حتى غروب الشمس ونشك في بقاء الوجوب بعد الغروب إلى غياب الحمرة ، ففي هذه الحالة تتوفر أركان الاستصحاب من اليقين بالوجوب أو لا والشك في بقائه ثانيا ، وبحكم الاستصحاب يتعين الالتزام عمليا ببقاء الوجوب . ومن ناحية أخرى نلاحظ أن الحالة تندرج ضمن نطاق أصل البراءة لأنها شبهة بدوية في التكليف غير مقترنة بالعلم الاجمالي ، وأصل البراءة ينفي وجوب الاحتياط ويرفع عنا الوجوب عمليا ، فبأي الأصلين نأخذ ؟ والجواب أنا نأخذ بالاستصحاب ونقدمه على أصل البراءة ، وهذا متفق عليه بين الأصوليين ، والرأي السائد بينهم لتبرير ذلك أن دليل الاستصحاب حاكم على دليل أصل البراءة ، لان دليل أصل البراءة هو النص النبوي القائل " رفع ما لا يعلمون " وموضوعه كل ما لا يعلم ، ودليل الاستصحاب هو النصل القائل " لا ينقض اليقين أبدا بالشك " وبالتدقيق في النصين نلاحظ أن دليل الاستصحاب يلغي الشك ويفترض كأن اليقين باق على حاله ، فيرفع بذلك موضوع أصل البراءة . ففي مثال وجوب الصوم ، لا يمكن أن نستند إلى أصل البراءة عن وجوب الصوم بعد غروب الشمس بوصفه وجوبا مشكوكا ، لان الاستصحاب