نام کتاب : دراسات في علم الأصول نویسنده : السيد علي الشاهرودي جلد : 1 صفحه : 164
الإرادة الأزلية انما تعلَّقت بصدور الفعل أو بعدمه عن الفاعل بالاختيار . ونقول : هذا الجواب ليس إلَّا جوابا عن الشبهة في مقام اللفظ والاصطلاح ، ولا يرفع الإشكال واقعا ، فانّ تعلق الإرادة الأزلية بصدور الفعل عن اختيار العبد لازمه ضرورية الصدور والاختيار ، نعم حيث انّ الفعل حينئذ يكون مسبوقا بالإرادة يكون اختياريا اصطلاحا . والصحيح في الجواب انّ الإرادة بمعنى البناء والمشيئة وما شئت فعبر انما تتعلق بفعل نفس الإنسان فإذا التفت امّا ان يريد فعل شيء أو تركه . واما الفعل الاختياري للغير فلا معنى لتعلق إرادة الإنسان به أصلا ، وعليه فما يصدر من العبد اضطرارا من غير اختياره كحركة النبض مثلا لا مانع من تعلق الإرادة الأزلية به وجودا أو عدما ، وامّا الفعل الصادر عن اختياره فلا تتعلق الإرادة الأزلية به أصلا من قبيل السالبة بانتفاء الموضوع ، إذ لم يكن مجال لتعلقها به ، وما ورد من قبيل قوله تعالى : * ( وما تشاؤن إلَّا أَنْ يشاء اللَّه ) * [1] فالمراد منه ظاهر بعد ما بيّناه ، فانّ معنى مشيئته بالنسبة إلى الأفعال الاختيارية للعبد انما هو الإقدار آنا فانا ، والإفاضة دائما كالسلك الكهربائي بحيث لو انفصل أقل من آن ينطفئ الضوء ويخمد النور ، وهذا معنى كلمة ( لا حول ولا قوّة إلَّا بالله ) ، فتحصل بحمد اللَّه اندفاع شبهات الأشاعرة بحذافيرها . وأما الفلاسفة فذهبوا إلى انّ الأفعال الاختيارية معلولة للإرادة تترتب عليها كترتب الصفرة على الوحل ، لا فرق بينهما إلَّا في انّ الأول مسبوق بالإرادة ولذا يسمى بالاختياري دون الثاني ، زعما منهم انّ كل فعل لا بد له من علَّة تامة موجبة ، لأنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد ، وهذا هو الوجه الَّذي يستلزم الجبر والقول