إلى الأبناء ، لا نسبة الأب الواحد إلى أولاده الكثيرين » ( 1 ) ، فنسبةُ كلّ حصّة إلى الفرد الذي يُنتزع منه ، نسبةُ الأب الواحد إلى الولد الواحد . ولا يخفى أنّه على هذا لا يلزم أن لا يكون الفرد فرداً للطبيعي ، بل فرداً للحصّة ; حتّى يقال : كيف يكون كذلك مع أنّ الفرد فرد للطبيعي ، والطبيعي لا ينطبق إلاّ على فرده ؟ ! ومحال أن يصدق وينطبق مفهوم على موجود خارجيّ مع عدم احتواء المصداق على المعنى الصادق عليه ، وإذا استلزم الصدقُ تحقّقَ المعنى الصادق في وجود المصداق ، لزم تحقّق الطبيعي في ضمن الفرد ، فتكون نسبة الطبيعي إلى أفراده نسبة الأب الواحد إلى أولاده الكثيرين ; وذلك لأنّه لا معنى لأن يقال : هذا فرد لحصّة من الطبيعي ; لأنّ الوجود الشخصي إنّما يكون فرداً للطبيعي باعتبار احتوائه على حصّة من الطبيعي ، فإذا كان مصحِّحُ الفرديّة احتوائه على حصّة من الطبيعي ، فكيف يُعقل أن يكون فرداً لنفس تلك الحصّة ؟ ! وإلاّ لزم أحد المحذورين : إمّا التسلسل أو كون الوجود الخاصّ فرداً لمعنىً بلا مصحِّح للفرديّة ، فصدق الطبيعي على أحد أفراده في عرض صدقه على سائر الأفراد ; لأنّ مُصحِّح الصدق في جميعها واحد ، وهو احتواء الوجود على مطابق ذلك الطبيعي المنتزع منه ، وتكون نسبةُ الطبيعي إلى الأفراد - بلحاظ ذلك المصحِّح - نسبة الأب الواحد إلى الولد الواحد . إذا عرفت ذلك فاعلم : أنّه إذا لاحظنا كلّ مرتبة من مراتب الوجود السعيّ بآثارها وحدودها - مع قطع النظر عن اقترانها بالمشخِّصات الخارجيّة - يمكن انتزاع عنوان خاصّ بتلك المرتبة ، ويعبّر عنه بالكلّي الطبيعي ، وهي طريقة المشهور في تصوّره . وأمّا إذا لاحظنا كلّ مرتبة من ذلك ; بما أنّها سارية في الوجودات الشخصيّة واقترانها بالمشخصّات الجزئيّة ، فمطابق هذا العنوان - المسمّى بالكلّي الطبيعي - يكون
1 - الحكمة المتعالية 2 : 8 ، شرح المنظومة ( قسم الحكمة ) : 99 .