لانتقال الذهن إلى ضدّ آخر ، ولكنّه حينئذ يكون الوضع كالموضوع له عامّاً . وبالجملة : تصوّر المصداق بما له من الخصوصيّة المقوِّمة له - حيث يكون مُبايناً للكلّي - لا يكون مرآةً وحاكياً عنه ، وسببيّة انتقال الذهن إلى الكلي أحياناً لا توجب كونه خاصّاً ، بل الملحوظ عند ذلك حال الوضع هو المعنى الثاني المنتقل إليه ، وهو عامّ ( 1 ) . وقال المحقّق النائيني ( قدس سره ) في وجه امتناع تصوير هذا القسم : بأنّ الخاصّ جزئيّ ، ومن هنا قيل : إنّ الجزئيّ لا يكون كاسباً ولا مُكتَسباً ( 2 ) . أقول : لا يخفى أنّ ما ذكروه لا يخلو عن نظر : أمّا ما ذكره العَلَمان ففيه : أنّه - كما أشرنا إليه آنفاً - أنّ وزان الوضع الخاصّ والموضوع له العامّ وزان عكسه في الامتناع والإمكان ، ويرتضعان من ثدي واحد ، وذلك : إن كان عدم الحكاية لمباينة الخاصّ بخصوصيّته الفرديّة مع العامّ في عالم المفهوميّة ، ومُباينة المصداق - لما له من الخصوصيّات - مع الكلي ، فليكن في عكسه كذلك ; بداهة أنّ لحاظ الإنسان - مثلاً - وتصوّره مُجرّداً عن الخصوصيّات لا يحكي إلاّ عن نفس الطبيعة ، فيمتنع وضع اللّفظ لمصاديقه ; لكونها مجهولة حال الوضع ، ولابدّ لوضع اللّفظ لشيء أن يكون ملحوظاً ولو بوجه ، والمفروض أنّه لم تلحظ الخصوصيّات بوجه . إن قلت : إنّ لحاظ الطبيعة وإن لم يكن وجهاً للحاظ مصاديقه ، إلاّ أنّه آلة لانتقال الذهن منها إليها ، دون العكس . ففيه أوّلاً : أنّه لو كفى ذلك في وضع العامّ والموضوع له الخاصّ ، فليكن لحاظ الخاصّ كافيّاً لانتقال الذهن منه إلى العامّ ، فيوضع اللّفظ للعامّ .