ومنها : عنوان يحكي عن الخصوصيّات : وهو تارة يحكي عن جهات قليلة ، كعنوان الشخص والفرد ; حيث يحكي عن بعض الجهات ، ويُسمّى هذا بالعنوان الإجمالي . وأُخرى عن جهات كثيرة ، كعنوان الشبح لما يتراءى من بعيد ، ويُسمّى هذا بالعنوان المُبهم . والفرق بين العنوان الثالث والعنوانين الأوّلين من وجهين : الأوّل : أنّ العنوان الثالث يحكي عن الخصوصيّات الفرديّة بالإجمال والإهمال ، ولذا لو تصوّرنا فرداً مُبهماً بتوسّط هذا العنوان ، ثمّ انكشف الفرد المُبهم ، لوجدنا ذلك العنوان المُبهم مُنطبقاً عليه ، انطباق العنوان التفصيلي الجامع لخصوصيّات الفرد عليه ، بخلاف العنوانين الأوّلين ; إذ هما لا يحكيان عن الفرد بما هو عليه من الخصوصيّات ، بل يحكيان عن معنون هما الموجود في الفرد . ويتفرّع على هذا : صحّة التقرّب بالخصوصيّات الفرديّة وتعلّق الأمر بشيء بعنوان مُبهم ، كما لو قال : « صلّ في أحد هذه المساجد » ، فإنّه يصح أن يتقرّب المُكلّف بإتيان الصلاة في مسجد مُعيّن بخصوصه ، بخلاف ما لو تعلّق الأمر بها مطلقة ; بأن قال : « صل » ، فإنّه لا يصح منه التقرّب بخصوصيّة المكان الذي توقع الصلاة فيه ; لعدم تعلّق الأمر به تفصيلاً أو إجمالاً ، كما هو شأن العنوانين . والثاني : هو أنّ العنوانين ينتزعان من الموجود الخارجي بما أنّه مُشتمل على مطابق ذلك العنوان ، بخلاف العنوان الثالث فإنّه من أنحاء المعاني الاختراعيّة التي تُنشئها النفس ، وتشير إلى بعض الوجودات الخاصّة الخارجيّة . إذا عرفت حال هذه العناوين اتّضح لك : أنّه لا يمكن تصوير الوضع العامّ والموضوع له الخاصّ بأحد العنوانين الأوّلين : لعدم حكاية شيء منهما - ولو بنحو الإجمال - عن خصوصيّات الموضوع له ليتمكّن من الوضع له بعد تصوّره ، نعم يتأتى