وحاصل ما ذكره في الإشكال الأوّل : هو أنّ المراد بوقوع نتيجة المسألة الأُصوليّة في طريق استكشاف وظيفة عمليّة للمكلّف ، إن كان وقوعها كذلك بلا واسطة فيلزم خروج مباحث الألفاظ عن علم الأُصول ; لأنّ نتيجة تلك المباحث هو تعيين ظهور الألفاظ فيما يُذكر لها من المعاني ، فتجعل هذه النتيجة صغرى لكبرى حجّيّة الظهور المبحوث عنها في الأُصول العقليّة ، ونتيجة القياس المركّب منهما تقع كبرى قياس يستكشف بها وظيفة المكلّف ، وإن كان المراد وقوعها كذلك ولو مع الواسطة ، يلزم دخول ماله دَخْل - ولو بعيداً - في الإستشكاف الكذائي ، كالعلوم الأدبيّة في علم الأُصول ( 1 ) . فأجاب عن الإشكال بما حاصله : أ نّا نختار الثاني ، ولا يلزم أن يكون التعريف غير مانع للأغيار ; لأنّ المسألة الأُصوليّة : هي التي يكون لها دَخْل في استكشاف أصل الوظيفة العمليّة ، أو مقدارها ، وكيفيّة تعلّقها بفعل المكلّف . وما توهّم دخوله ( 2 ) أمّا لا يرجع إلى استكشاف الوظيفة وموضوعها أصلاً ، مثل رفع الفاعل ونصب المفعول ، وكون « الياء » إذا تحرّكت وانفتح ما قبلها قُلبت « ألفاً » . . . وهكذا ; إذ يكون لتشخيص موضوع الوظيفة فقط ، كعلم الرجال واللّغة ; حيث إنّ في الأوّل يُبحث عن تشخيص المفاهيم ، ومنها موضوعات بعض الأحكام الشرعيّة ، كالصعيد الذي هو موضوع التيمّم . وفرق واضح بين علم الرجال واللّغة وبعض مباحث مقدّمة علم الأُصول ، كمبحث المشتّق والصحيح والأعمّ ، وبين مباحث المفاهيم والعموم والخصوص والمطلق والمقيّد ، وخروج علم الرجال وما بعده عن الأُصول لا يلازم خروج مباحث المفاهيم وما بعدها عنه ; لأنّ هذه المباحث ممّا يستكشف بها مقدار الوظيفة
1 - نفس المصدر 1 : 25 . 2 - ضوابط الأُصول : 8 سطر 37 .