وبالجملة : ماهيّات المعاملات أُمور اعتباريّة متقوّمة باعتبار العرف والعقلاء ، فالشرع إن وافقهم في ذلك فتكون المعاملة العرفيّة محقّقة معتبرة عرفاً وشرعاً ، وإن خالفهم في ذلك - كما في نكاح بعض المحارم ، والبيع الربوي - فمرجع مخالفته إيّاهم إلى إعدام الموضوع ونفي الاعتبار ، لا إلى الفساد ونفي الآثار مع اعتبار الموضوع ; لأنّه لا معنى له . ولو سُلّم جوازه فمخالف لارتكاز المتشرّعة ; لأنّ نكاح المحارم والبيع الربوي غير واقع ، ولا مؤثّر رأساً . وبالجملة : لا معنى لاعتبار وجود المسبّب مع عدم ترتّب الآثار المطلوبة منه ، ولا يعتبره العقلاء ; بداهة أنّهم لا يرون وقوع النكاح والبيع مع عدم ترتّب الآثار المطلوبة عليه أصلاً ، بل يرون عدم تحقّق النكاح والبيع أصلاً ، فإذاً يدور أمر المعاملات المسبّبة بين الوجود والعدم ، لا الصحّة والفساد . نعم : يمكن اعتبار الصحّة والفساد بلحاظ المحيطَيْنِ ، وذلك فيما إذا ساعد العرف على تحقّقها خارجاً ، والشارع إن رتّب عليها آثار الصحّة - كأكثر المعاملات العرفيّة - فيطلق عليها الصحّة ، وإن لم يرتّب آثار الصحّة عليها - كبيع الخمر أو الخنزير - فيطلق عليها الفساد ، ولكنّه مع ذلك كلّه لم يخرج عن محيط المدرسة إلى محيط العرف والعقلاء ، واعتبارهم دائر بين الوجود والعدم ، ولا يفهمون ما ذكرنا ، فالحقّ ما عليه المشهور . وأمّا ما قد يقال : من أنّ الملكيّة والزوجيّة ونحوهما من المسبّبات أُمور واقعيّة وحقائق تكوينيّة لا يمكننا الاطلاع عليها - كحقيقة الجنّ والشيطان - إلاّ أنّ الشارع كشف عنها ، فكما أنّ الأُمور التكوينيّة الخارجيّة على نحوين - صحيح وفاسد -