مصداقاً لأحد المفهومين ، فيحمل عليه المفهوم الآخر . ولكن الذي يقتضيه التحقيق : هو عدم إمكان استفادة المعنى الحقيقي من صحّة الحمل بكلا نحويه . وذلك لأنّه في الحمل الأوّلي : إمّا يريد صحّة الحمل عند أهل العرف والعقلاء ، أو عند نفسه . فعلى الأوّل : لا يمكن أن يفهم ويستكشف - بمجرّد صحّة حمل مفهوم الإنسان مثلاً على مفهوم الحيوان الناطق عندهم - كون الحمل ذاتيّاً أوليّاً ; لاحتمال أن يكون الحمل مثل « الإنسان ماشي مستقيم القامة » باعتبار الحمل الشائع . فإن قلت : فنسأل منهم : أنّ حملهم هذا من أيّ قسم ؟ قلت : فيرجع هذا إلى تنصيص أهل اللّغة واللسان ، وهذا أمارة أُخرى غير صحّة الحمل ، والمقصود إثبات أنّ صحّة الحمل بنفسها هي علامة . كما أنّه لا يفهم من صحّة سلب معنىً عن معنىً أنّ السلب بلحاظ المفهوم ; لاحتمال أن يكون السلب باعتبار التحقّق الخارجي . فتحصّل : أنّه لا يمكن أن يُفهم من مجرّد صحّة حمل أحد المفهومين على الآخر عندهم كون الحمل أوّليّاً ، ولا من سلب أحدهما عن الآخر كون السلب بلحاظ المفهوم فقط ، والأمر في السلب وإن كان فيه خفاء ، إلاّ أنّ في صحّة الحمل ظاهراً مشهوداً . وأمّا على الثاني : وهو صحّة الحمل عند نفسه ، فلا يخفى أنّ صحّة الحمل عنده تتوقّف على تصوّر الموضوع والمحمول تفصيلاً والعلم بملاك الحمل ; لأنّه لو لم يعلم ملاك الحمل ، لا يمكن التصديق بأنّ هذا اللّفظ بما له من المعنى الارتكازي يصحّ حمله . وملاك الحمل في الحمل الأوّلي هو الاتّحاد في المفهوم ، فلابدّ من إحرازه ، والتصديق بملاك الحمل هو التصديق بمعنى الموضوع له ، فقبل الحمل وفي الرّتبة