بالاطّراد معناه الحقيقي . فإن أراد أنّ الإطّراد دليل شرعيّ على المعنى الحقيقي فظاهر أنّه غير ثابت شرعاً ، وإن أراد أنّ العقلاء فيما إذا اطّرد كذلك يرون أنّه معناه الحقيقي ، فلم يثبت لنا بناء منهم كذلك وترتيبهم آثار المعنى الحقيقي عليه ( 1 ) . ومن تلك العلائم صحّة الحمل : وليعلم أوّلاً : أنّه في الحمل لابدّ من الاتّحاد بين الموضوع والمحمول من جهة ، كما أنّه لابدّ من التغاير بينهما من جهة أُخرى . أمّا في الحمل الأوّلي فاعتبر فيه الاتّحاد بين الموضوع والمحمول مفهوماً ، فالتغاير بينهما لابدّ وأن يكون بالاعتبار ، كالإنسان والحيوان الناطق ، فإنّه لا فرق بينهما إلاّ بالإجمال والتفصيل . وأمّا في الحمل الشائع الصناعي ، فحيث فرض الاختلاف بينهما فيه فلابدّ وأن يكون الاتّحاد بينهما بالوجود ، ك « زيد إنسان » . والحمل الشائع على نحوين : الأوّل : ما يكون الموضوع مصداقاً حقيقيّاً للمحمول ، ويعبّر عنه بالحمل الشائع بالذات ، وهو حمل الطبيعي على مصداقه الذاتي ، كحمل الإنسان على زيد بحيثيّته الذاتيّة . والثاني : ما لم يكن مصداقاً ذاتّياً له ، ولكنّه اتّحد معه بالعَرض ، ويعبّر عنه بالحمل الشائع بالعرض ك « زيد أبيض » ، فإنّ زيداً لم يكن مصداقاً حقيقيّاً للأبيض ، إلاّ أنّ حمله عليه باعتبار عروض البياض له في الوجود ، وللحمل أنحاء أُخر لا يهمّنا فعلاً ذكرها .
1 - قلت : الإنصاف أنّ ادّعاء بنائهم عليه كأنّه في محلّه ، كما لا يخفى . المقرّر