الإرادة ، لا الإرادة الأُولى ، فالموضوع له عنده مقيّد بإرادة تفهيم المقاصد للغير ، لا الإرادة الاستعماليّة ، فلا يلزم من القول به محذور عقلي ، وهو كون شيء واحد متقدّماً ومتأخّراً . نعم ، يرد عليه إشكال آخر - نشير إليه - في مقام الإثبات : وهو أنّ دخالة الإرادة في المعنى الموضوع له خلاف التبادر ، بل التبادر يعطي بأنّ الموضوع له نفس المعاني من حيث هي هي . والحاصل : أنّه قد تطلق الألفاظ ويراد بها المعاني المقصودة ، وقد تطلق ويراد بها ما يفهم من الألفاظ ، والقائل بكون الألفاظ موضوعة للمعاني المرادة ، يعني بها المعاني بالمعنى الأوّل ; أي لم توضع الألفاظ لنفس المقاصد ، بل وُضعت لها من جهة تعلّق الإرادة بها ، وإرادة تفهيم المقاصد سابقة على الوضع ، فضلاً عن الاستعمال ، فلا يلزم تقدّم ما هو المتأخّر وبالعكس ، فتدبّر واغتنم . ومنها : أنّ ما أفاده هنا - من امتناع أخذ الإرادة - يناقض ما سيذكره بعد قليل عند قوله : وإن أُريد من كون الموضوع له هو المعنى . . . إلى آخره ( 1 ) ; حيث يصرح هناك بإمكان تعلّق إرادة المتكلّم بالموضوع على نحو خروج القيد والتقيّد معاً ، وهذا عجيب منه ( 2 ) . فظهر لك ممّا ذكرنا : أنّ القول بدخالة الإرادة في المستعمل فيه لا يوجب محذوراً عقليّاً . نعم ، يتوجّه على القائل به : بأنّ غاية ما يمكن أن يستدلّ به على مقالته - كما
1 - نفس المصدر 1 : 93 . 2 - قلت : لعلّ هذا الإيراد غير وارد عليه ( قدس سره ) ; لأنّ قوله : وإن أُريد . . . إلى آخره في مقام تحليل دليل القائل بدخالة الإرادة في الموضوع له ، والمحقّق العراقي ( قدس سره ) لم يدّع برهاناً على عدم إمكان أخذ الإرادة مطلقاً ، بل كان بصدد ردّ القائلين بأخذ الإرادة ، فلاحظ وتأمّل . المقرّر