أيضاً ، بل يمكن أن يكون شيء واحد دالاً ومدلولاً ، كاتّحاد العالم والمعلوم ، وهذا نظير قول الإمام عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) في دعاء الصباح : ( يا من دلّ على ذاته بذاته ) ( 1 ) ، وقول الإمام السجّاد ( عليه السلام ) في دعاء أبي حمزة الثمالي : ( وأنت دللتني عليك ) ( 2 ) ، فإنّ الدالّ هو ذاته المقدّسة ، والمدلول أيضاً هو عزّ اسمه ، فاتّحد الدالّ والمدلول ، ولم يكن هناك اثنينيّة ولو اعتباراً ، فليكن ما نحن فيه كذلك ( 3 ) . أقول : يتوجّه على ما أفاده المحقّق الخراساني ( قدس سره ) : أوّلاً : بأنّ استعمال شيء في شيء لابدّ وأن يكونا قبل الاستعمال موجودين حتّى يستعملا ، ويطلب عمل أحدهما في الآخر ، والتعدّد الاعتباري الذي يراه ( قدس سره ) إنّما يجيء بعد الاستعمال ، كما لا يخفى . وبالجملة : لابدّ من تحقّق التعدّد ولو اعتباراً - المصحّح للاستعمال - في الرتبة السابقة على الاستعمال ، لا ما هو الحاصل بالاستعمال . وثانياً : لا يخفى أنّ عنوان كون اللّفظ مُراداً أمر مغفول عنه حين التلفّظ به ، فكيف يكون مدلولاً مع أنّه لابدّ وأن يكون المدلول متوجَّهاً إليه ؟ ! وثالثاً : وهو العمدة في الإشكال : أنّ الاستعمال عبارة عن إلقاء اللّفظ وإرادة المعنى ، فحقيقة الاستعمال إلقاء المرآة وإرادة المرئي ، فاللّفظ مرآة وملحوظ آليّ ، والمعنى ملحوظ استقلاليّ ، واللحاظان - الآلي للمستعمَل ، والاستقلالي للمستعمَل فيه - يوجبان التعدّد الحقيقي بينهما ، ولا يكفي التعدّد الاعتباري مع كون الوجود واحداً شخصيّاً ، فتدبّر . وبما ذكرنا يظهر لك : أنّ المتضايفين وإن كانا قد لا يوجبان التعدّد ، إلاّ أنّ