لما كان لكلامه حسن وبلاغة . مثلاً : في إطلاق « العين » على الربيئة استعملت لفظة « العين » فيما وضع له ، ولكن حيث إنّ شأن الربيئة المراقبة والنظارة التامّة فكأنّ تمام وجوده عين ، فيدّعي أنّه مصداق لها ، فلم يكن إطلاقها عليها بمجرّد علاقة الجزئيّة والكلّيّة . وكذا في إطلاق الميّت على المريض الذي يُئس من حياته ، وأشرف على الموت ، ليس إلاّ بادّعاء كونه ميّتاً ، ومصحّح الادّعاء إشرافه على الموت ، وانقطاع أسباب الصحّة عنه ، ولذا لا يُطلق على المريض الذي لم يكن بتلك المثابة ; لعدم المصحّح للادّعاء . ولذا لا يجوّزون استعمال اللّفظ الموضوع للجزء في الكلّ ، إلاّ فيما يصحّ فيه ادّعاء أنّه الكلّ ، وذلك في خصوص الأجزاء الرئيسية ( 1 ) . وهكذا الكلام في سائر أنواع المجازات ، فتراهم يصرّحون بوجود العلاقة المعتبرة في استعمال اللّفظ في غير ما وضع له ( 2 ) ، ومعنى اعتبارها هو صحّة الادّعاء ، ومع صحّة الادّعاء يصحّ الإطلاق ، وإلاّ يكون غلطاً . وبالجملة : باب المجاز مطلقاً - أي سائر أنواع المجازات ; من غير اختصاص بباب الاستعارة - باب التلاعب بالمعاني ; وتبادل معنىً مكان معنىً ، وهذا هو الذي يورث الكلام ملاحة ، ويصيره بليغاً وفصيحاً ، لا وضع لفظ مكان لفظ آخر ; لأنّ الألفاظ - كما أشرنا - متكافئة غالباً في إفادة معانيها . والظاهر أنّ اللطافة والملاحة التي تكمن في قوله : ( واسْألِ الْقَرْيَةَ ) ( 3 ) ، وهي ادّعاء أنّ القضيّة بمرتبة من الوضوح يعرفها كلّ موجود ، حتّى القرية التي من