الذهنيّة واللّفظيّة نسبة ، كما لا يخفى . فتحصّل : أنّ الهيئة في القضايا الحمليّة غير المؤوّلة وضعت للدلالة على الهوهويّة التصديقيّة ، قبال الهوهويّة التصوّريّة الموجودة في المركّبات الناقصة ، التي مفادها أنّ المحمول عين الموضوع ، كما أنّ الهيئة في القضايا المؤوّلة وُضعت للدلالة على تحقّق النسبة دلالةً تصديقيّة ، فعلى كلٍّ تشتمل القضيّة الحمليّة على التصديق لا محالة على اختلاف في المتعلّق في الهوهويّة ، أو ثبوت النسبة . هذا حال موجبات القضايا الحمليّة بقسميها . وأمّا في السوالب مطلقاً - سواء كانت من الحمليّة غير المؤوّلة ، أو الحمليّة المؤوّلة - فلا تشتمل على النسبة أصلاً ; لأنّ حرف السلب إنّما يدلّ على سلب الحمل ونفي الهوهويّة التصديقيّة في الحمليّات غير المؤوّلة ، كقولنا : « زيد ليس حجراً » ، وعلى سلب الحصول ونفي النسبة والكينونة التصديقيّة في الحمليّات المؤوّلة ، كقولنا : « ليس زيد على السطح » ، فالحمليّات السالبة لا تشتمل على النسبة أصلاً . نعم ، ظاهر القضيّة السالبة المؤوّلة وإن كان مشتملاً على الحرف الدالّ على النسبة ، إلاّ أنّه جيء به لسلب النسبة وقطعها ، فالنسبة وإن كانت بمعنىً موجودة ، إلاّ أنّها جيء بها لتسليط حرف السلب عليها . ولا يخفى أنّ القضيّة المؤوّلة وإن كانت مشتملة على النسبة والإضافة إلاّ أنّ القضيّة لا تتقوّم بهما ، بل في جميع القضايا لا تفيد الإضافة والنسبة - اللتان هما مدلولا الحرف - إلاّ معنىً تصوريّاً ، ولا تكونان دخيلتين في صيرورة القضيّة قضيّة ، وتماميّة القضيّة إنّما هي بهيئة القضيّة والجملة ، وهي مختلفة باختلاف الهيئات ، ولذا ترى أنّ الإضافة والنسبة موجودتان في قولنا : « زيد في الدار » ، وقولنا : « إن كان زيد في الدار فعمرو على السطح » ، مع أنّ الجملة في المثال الأوّل تامّة : وفي المثال الثاني ناقصة ، وليس ذلك إلاّ لاختلاف الهيئة ، فإنّ هيئة « زيد في الدار » في المثال الأوّل تدلّ