آمين يا ربّ العالمين . واللعنة الدائمة الأبديّة على أعدائهم وغاصبي حقوقهم ومُنكري فضائلهم ومناقبهم . وبعد : فإنّه من البديهي أنّ علم الفقه من أشرف العلوم الإسلامية ، إذ به يُعرف معالم الدين وقوانينه وأحكامه ، حلاله وحرامه ، رُخَصه وعزائمه ، بل جميع ما يرتبط بتكاليف العباد ، ونظام المجتمع ، والأُمّة الإسلامية ، لتأمين سعادتهم ومصالحهم في النشأتين . وغير خفي على مَن له إلمام بالفقه والفقاهة واستنباط الأحكام الشرعية ، أنّ كثيراً من الأحكام الشرعية والوظائف المُقرّرة - بل جلّها - غير ضروريّة وغير يقينية ، وتحتاج معرفتها إلى مبادئ ومُقدّمات . ومن أهم ما يحتاج إليها ومن مبادئها القريبة ، وما يكون دخيلا في معرفة الأحكام الشرعية والوظائف العملية ، وتشخيصها في كلّ مورد ، قواعد تعرف بأصول الاستنباط وأصول الفقه . وليس للمُتدرّب في الفقه ومُستنبط الأحكام عن مصادرها عدم معرفتها ، وعدم تنقيح مجاريها . ويكون لمعرفة قواعده موقفاً عظيماً لاستنباط الأحكام الشرعية ، والوظائف المُقرّرة للشاك ، بل تدور رُحى الاستنباط عليها . وذلك لأنّ جُلّ الأحكام - لو لم تكن كلّها - مُستفادة من الكتاب العزيز ، وما صدر عن النبي الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، فلابُدَّ من إثبات حُجّية ظاهر الكتاب والسنّة ، وحُجّية خبر الثقة ، ومعرفة الأوامر الصادرة في الشريعة ومعانيها ، والنواهي الواردة في مطاويها ، ومنطوق ما فيها ومفهومها ، عمومها وخصوصها ، مُطلقها ومُقيّدها ، مُجملها ومُبيَّنها ، ناسخها ومنسوخها ، ومعرفة كيفية الجمع بين الدليلين عند تعارض النص والظاهر ، والأظهر مع الظاهر ، والعام مع خاصه ، والمُطلق مع مُقيّده ، والُمجمل مع المُبيّن . ومعرفة مجرى الأصل والوظيفة