الشرط ، فكذلك لا يجب اتّباع الواضع فيما شرطه في كيفيّة الوضع ، فإذاً كلٌّ من لفظتي « الابتداء » و « من » ، موضوع للمعنى الجامع بين ما يستقلّ بالمفهوميّة وما لا يستقلّ . وفرّط آخرون ، وقالوا : بأنّه ليس للحروف معنىً أصلاً ، بل هي علامات صِرفة ، فكما أنّ الضمّة أو الفتحة - مثلاً - في « ضرب زيدٌ عمراً » علامة كون « زيد » فاعلاً و « عمرو » مفعولاً ، فكذلك لفظة « من » و « إلى » مثلاً - لمجرّد العلامة لما أُريد من مدخول هما ( 1 ) . وقبل الشروع في ذكر الأقوال وجرحها ، ينبغي تقديم مقدّمة : وهي أنّ الموجودات الخارجيّة على أصناف ثلاث : فمنها : ما هو مستقلّ ماهيّة ووجوداً . ومعنى استقلاله بالمفهوميّة : هو أنّ العقل يستقلّ في تعقّله من دون أن يحتاج في ذلك إلى أمر آخر . ومعنى استقلاله في الوجود : هو أنّ في وجوده الخارجي لا يحتاج إلى أمر آخر غير علّته . وبعبارة أُخرى : يوجد لا في موضوع ، وهذا مثل الجواهر بأقسامها . ومنها : ما يكون تامّاً ماهيّة فقط ; أي يتحقّق في عالم التعقّل والذهن مستقلاًّ بحياله ; من دون احتياج لتعقّله إلى أمر آخر ، وأمّا بحسب الوجود فيحتاج إلى الموضوع ، وهذا مثل الأعراض ، فإنّ مفاهيمها مستقلّة ، ولكنّها لا تتحقّق ولا توجد في الخارج إلاّ بالحصول في الموضوع . فالفرق بين الجواهر والأعراض - بعد اشتراكهما في الاستقلال بالمفهوميّة وعدم احتياجهما في التعقّل إلى أمر آخر - : إنّما هو في الخارج والوجود ، فإنّ الجوهر في