الخاصّين ; لأنّ هذا القسم عبارة عن تصوير موجود شخصيّ ، ولا يمكن أن يضع اللّفظ لما لا يكون متصوّراً ، وهو الموجود الخارجي أو الأعمّ منه ومن الموجود في الذهن ، والذي يمكن أن يوضع له اللّفظ هو المعنى المتصوّر ، وهو غير المسمّى . وهذا نظير ما يقال ( 1 ) : « إنّ المعدوم المطلق لا يُخبر عنه » ; لأنّ نفس هذه القضيّة إخبار ، وموضوعها : إمّا الوجود الخارجي أو الذهني ، لا سبيل إلى الأوّل ; لأنّ واقع المعدوم المطلق غير موجود وباطل لا يعقل تصوّره ، ولا إلى الثاني ; لأنّ الحكم في القضيّة يقتضي وجود الموضوع ، وحيث إنّه لم يكن في الخارج ، فهو في الذهن ، وواضح أنّ الموضوع - وهو المعدوم المطلق - موجود في الذهن ويُخبر عنه . وهكذا يقال في قضيّة « شريك البارئ ممتنع » : بأنّ المتصوّر من شريك البارئ لا يكون شريكاً للبارئ ، ولا يكون ممتنع الوجود ، بل ممكن مخلوق للمتصوِّر ، وواقع شريك البارئ غير متصوَّر ، فكيف يخبر عنه ( 2 ) ؟ ! وأمّا الدفع : فهو أنّ منشأ هذه الإشكالات هو الشبهة في مسألة المعدوم المطلق . وحلّ الإشكال فيها : هو أنّ الحكم في القضيّة لا يمكن إلاّ بعد تصوّر الموضوع ولو من وجه ، فإذا وجد مفهوم شيء في الذهن ، فيمكن أن يجعل هذا المفهوم وسيلة وقنطرة للحكم على ما يكون هذا المفهوم مفهوماً له ، فيلاحظ مفهوم المعدوم المطلق ، ويحكم بأنّه لا مصداق له في الخارج ، فيجعل الحمل الأوّلي وسيلة للحكم على الحمل الشائع . وبعبارة أُخرى : إخبار شيء عن شيء غير ثبوت شيء لشيء ، وثبوت شيء لشيء يتوقّف على ثبوت المثبت له ، وأمّا الإخبار عنه فيتوقّف على تصوّر الموضوع ولو لم يكن له وجود في الخارج ، ولذا ترى أنّ الحكم في القضايا السالبة المحصّلة
1 - الحكمة المتعالية 1 : 347 ، شرح المنظومة ( قسم الحكمة ) : 51 - 52 . 2 - ذكر هذا الإشكال وردّ عليه صدر المتألّهين في الحكمة المتعالية 1 : 239 - 240 .