للموضوع ، نظير عروض السواد والبياض للجسم حتّى لا يمكن اجتماعهما في موضوع واحد ، كما لا يمكن اجتماع السواد والبياض في موضوع واحد ; بداهة أنّه لا يمكن أن يقال : إنّ الجسم أبيض من حيث وجهة ، وأسود من حيث وجهة أُخرى ، بل إذا كان أبيض لا يكون أسود ، وكذا بالعكس ، وأمّا المقرِّبيّة والمبعِّديّة فحيث إنّهما من الأُمور الاعتباريّة فيختلفان بالحيثيّة والاعتبار ، ويصحّ أن يكون شيء واحد محبوباً من حيث وجهة ، ومبغوضاً من حيث وجهة أُخرى كما يصحّ أن يكون محبوباً ومبغوضاً من جهتين ، بل من جهات ; وذلك لأنّه لو دخل رجلان - مثلاً - في دار عدواناً ففعل أحدهما فيها عملاً محبوباً لصاحب الدار ; بأن أنقذ ولده المشرف على الموت دون الآخر ، فهو من حيث دخوله الدار والتصرّف فيها عدواناً مبغوض لصاحب الدار ، ولكنّه من حيث إتيانه العمل المرغوب فيه لصاحب الدار محبوب له ، فكونه في الدار نفسه مبعّد من حيث ، وهو من حيث اشتغاله بإنقاذ ولده مقرّب . وأمّا الرجل الآخر فدخوله فيها مبغوض صِرف ، ومبعِّد ليس إلاّ ، وكذا لو خلّص رجلان امرأة أجنبيّة من الغرق ، ولكن أحدهما أخذ بردائها وأنقذها ، والآخر أخذ بيديها مع إمكان أخذ ردائها ، فالأوّل مقرِّب من جهتين ، والثاني مقرِّب من جهة ومبعِّد من جهة أُخرى . . . وهكذا . فتحصّل ممّا ذكرنا : صحّة انعقاد النذر أو الحلف بترك الصلاة في الأمكنة المكروهة ; لاختلاف متعلَّقهما . المقام الثاني : في تحقّق الحنث بالصلاة في الأمكنة المكروهة وبما ذكرنا في المقام الأوّل يظهر لك الحال في المقام الثاني : وهو تحقّق الحنث بإتيان الصلاة في الأمكنة المكروهة كالحمّام ، فإنّه بفعله الصلاة في الحمّام يمتثل الأمر المتعلّق بطبيعة الصلاة ; لأنّ ما أتى به مصداق لها ، وبنفس ذلك يتحقّق عنوان الحنث ،