ولكن لا ينبغي الإشكال في أنّ الجمل الناقصة بقسميها في حكم المفردات لا تحكي إلاّ حكاية تصوّريّة ، ولذا لا تتّصف بالصدق والكذب ولا تحتملهما . فإذاً الفرق بين هيئة الجملة التامّة وبين هيئة الجملة الناقصة : هو أنّ الهيئة في التامّة وضعت لتحكي عن ثبوت النسبة أو لا ثبوتها حكايةً تصديقيّة ، على اختلاف في متعلّقها من الهوهويّة أو ثبوت النسبة والإضافة ; وأمّا هيئة الجملة الناقصة فتدلّ على الهوهويّة التصوريّة ونفس الربط والإضافة ، لا على ثبوتها وتحقّقها في الخارج ، والشاهد على جميع ما ذكرنا هو التبادر ، وهو الدليل الوحيد في أمثال هذه المباحث ، ولا يُصغى إلى المطالب العقليّة والبراهين الفلسفيّة . ذكر وتعقيب بما ذكرنا يظهر الإشكال في الفرق الذي ذكره المحقّق العراقي ( قدس سره ) بين المركّب التامّ وبين المركّب الناقص ، فإنّه - بعد أن قال : إنّ الهيئة قد تطرأ على المركّب الناقص ، كالهيئة الطارئة على الصفة والموصوف ، ك « زيد العالم » ، وعلى المضاف والمضاف إليه ، ك « غلام زيد » ، كما تطرأ على المركّب التامّ ، كالجمل الخبريّة والإنشائيّة - قال : إنّ الفرق بينهما : هو أنّ الهيئة الطارئة على المركّب الناقص ، تحكي عن النسبة الثابتة التي تعتبر قيداً مقوّماً للموضوع ك « غلام زيد قائم » ، أو المحمول ك « زيد غلام عمرو » ( 1 ) . وأمّا الهيئة الطارئة على المركّب التامّ ، فتحكي عن إيقاع النسبة ; سواء كانت في القضيّة الخبريّة ك « زيد قائم » ، أو في الإنشائية ك « عبدي حرٌّ » فإنّ المتكلّم يرى بالوجدان أنّ الموضوع عار عن النسبة التي يريد إثباتها إخباراً أو إنشاءً ، وهو بالحمل أو بالإنشاء يوقعها بين الموضوع أو المحمول ، ولهذا يكون مفاد التركيب الناقص في
1 - قلت : كما أنّه قد تكون النسبة قيداً مقوّماً للموضوع والمحمول معاً ، ك « زيد العالم غلام عمرو » . المقرّر