قائما بعنوان إن هذا الحكم منوط بوجود الموضوع وفعليته دائر مدار فعليته فلا يدعو إلى الامتثال ما لم يتحصل عنوان الموضوع بنفسه ، وجه الفساد ما عرفت من إنه يتصور في الحكم الوارد على الموضوع القائم به وجهان ، أحدهما أن يكون قيامه بالموضوع بنحو الاطلاق من غير إناطة له بوجود الموضوع ، وعليه يحكم العقل بتحصيل الموضوع وإيجاده مقدمة للامتثال كالأمر بشرب الدواء ، وسوق الهدى على الحاج وأمثال ذلك ، ثانيهما أن يكون قيامه بالموضوع بنحو له إناطة بوجوب الموضوع ولازمه أن يتحقق الحكم ويصير فعليا على تقدير وجود الموضوع فعلا ، ولا يكون له فعلية قبله ، وعليه فلا يحكم بوجوب تحصيل الموضوع وإيجاده وذلك مثل الحرارة ، فإن قبل وجود النار لا فعلية ولا تحقق لها خارجا ، ففعلية الحرارة منوطة بفعلية النار ، نعم لها قبل وجود النار وجود فرضي ، بخلاف القسم الأول فإن الحكم فيه ليس معلولا للموضوع بل محرك إلى إيجاده ، فكم فرق بين المقامين ، فإن الشق الثاني بالخصوص شبيه بالقضايا الحقيقية بحيث يكون فعلية الحكم حادثة من قبل فعلية الوجود كما هو شأن القضايا الحقيقية ، فتحصل وتبين إنه لا ينبغي القول بأن الخطابات الشرعية إذا وردت بنحو الاطلاق تكون مثل القضايا الحقيقية مطلقا ، بل لابد أن يلاحظ مضافا إلى قيام الحكم بالموضوع هل له إناطة بوجود الموضوع أم لا ، فإن لم يكن من قبيل الثاني فيكون مثل القضايا الحقيقية ، وإلا فيكون من قبيل الواجبات المطلقة بقول مطلق ومما يكون فعليا على جميع التقادير ، فهذه الجهة الأولى من البحث ، والجهة الثانية من البحث هي إنه على فرض إناطة الحكم بالموضوع ، هل الحكم منوط بالوجود الخارجي للموضوع أم منوط بالوجود اللحاظي ، والمختار عندنا هو الثاني ، ولكن كم فرق بين المسلكين ، ومنشأ الاختلاف في ذلك إن الأحكام التكليفية هل هي حقائق جعلية كالملكية وسائر العناوين والاعتبارية أي متقومة بالجعل ومجعولات تنشأ من قبل الجعل ، بحيث لولاه لا حقيقة لها كالملكية ، فإن العقلاء قبل الجعل لا يعتبرون التحقق له أصلا أم لا ، بل هي تابعة للإرادة والقصد ومنتزعة عن الإرادة المبرزة فإذا أبرزها ولولا بقصد إنشاء الوجوب وتحققه يتحقق الوجوب وتتم الحجة ، ونحن لما أشبعنا الكلام في